العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ

صدام الحضارات أو حسابات المصالح: مقابلة مع أنيس باسويدان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تعتبر أفكار أنيس باسويدان الذي لا يتعدى التاسعة والثلاثين من العمر مؤثّرة لدرجة أن مجلة السياسة الخارجية Foreign Policy وضعت رئيس جامعة بارامادينا هذا في المرتبة الستين على قائمة أهم مئة مفكّرين في العالم.

ويؤمن هذا المفكر الذي ينتقد هيمنة التوجه الثقافي نحو الخلافات بين المسلمين والغرب أن النزاع لا تطلقه الهوية الثقافية أو الدينية أو الحضارية، وإنما حسابات المصالح. وهو يتوسع في هذا المفهوم في مقابلة مع الصحافي واهيوانا المقيم في جاكرتا.

ماذا تعني بالضبط بتعبير «حسابات المصالح» في النزاعات بين المسلمين والغرب؟

- باسويدان: ليس الخيار في الانخراط في العنف أو السلام انعكاسا لأية عوامل عقائدية أو ثقافية أو دينية، وإنما حسابات استراتيجية أو حسابات مصالح.

تلجأ مجموعة ما إلى استخدام توجهات العنف أو الأساليب السلمية بناء على حوافز أو مثبطات كل توجه. من الذي يعتبر عدوا وما الأسلوب الهجومي الذي سيستخدم؟ هو أمر تقرره حسابات المصالح أكثر من العقيدة أو الدين أو الثقافة.

على سبيل المثال، لنأخذ في الاعتبار العلاقات بين ما نشير إليه عادة بالمجاهدين الأفغان والولايات المتحدة. كانت مجموعات المعارضة الأفغانية المختلفة حليفة للولايات المتحدة عندما كانت تحارب ضد الاحتلال السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي. اعتبرتهم الولايات المتحدة وقتها مناضلين من أجل الحرية أو أبطالا، إلا أن بعض هذه المجموعات تحارب الآن ضد الولايات المتحدة، القوة المحتلة الجديدة. وأصبحت بالتالي تسمى إرهابية من دون تمييز. إنها وجهة نظر كل طرف، وكيف يرى التحديات والمصالح والمواقع، هي التي تؤثر على ما إذا كان سيصبح حليفا أو عدوا للآخر.

هل يعني ذلك أن صدام الحضارات مجرد هراء؟

- أعتقد أنه لغة مفروضة. ما يحصل فعليا هو عملية استقطاب، وحصلت بأشكال متعددة عبر تاريخ البشرية. هناك عمليات استقطاب في الثقافة والعقيدة والعرق والدين. لقد أصبح الاستقطاب جزءا متأصلا في الحياة نفسها.

صراع الحضارات الذي أتى به صامويل هنتنغتون مفروض بشكل كبير، كأنما هناك نزاع ديني/ ثقافي محدد بين العالم المسلم والغرب. هذا النزاع غير موجود.

عبر التاريخ، لم تكن النزاعات التي وُصِفَت على أنها صراعات بين الحضارات متعلقة بالدين بشكل بحت. مثلا، كانت للصليبيين كذلك اهتمامات في الأرض والسياسة.

وماذا عن الدوافع العقائدية أو الدينية وراء النزاعات بين المسلمين والغرب؟ هل تنكر مثل هذه الدوافع؟

- أنا لا أنكرها. الدوافع العقائدية أو الدينية موجودة طبعا، إلا أنها لا تتواجد إلا على المستويات المتناهية الصغر أو الفردية.

الدين أو العقيدة مجرد أدوات تم اختطافها لتجنيد الناس وتحفيزهم ولإيجاد تعاضد وتضامن مع المتسببين الذين تعطيهم جوا من الشرعية. تعرض هذه النزاعات على شكل حملات عقائدية أو دينية بهدف إلهام أتباعها، وإضفاء الشرعية على الحرب على أنها «حرب عادلة» واجتذاب الحلفاء... الخ.

لهذا السبب نحتاج لاستخدام تحليل استراتيجي عقلاني لتمكيننا من الاعتراف بالنزاع الذي يمكن أن يكون عنفيا ويوشك على الظهور، حتى يتسنى لنا إيجاد أسلوب لمنعه. ولكن إذا لم نستخدم سوى إطار ثقافي (توجه يرى المتغيرات النفسية الدينية الثقافية التي تؤثر على تشكيل تصرفات الشخص أو المجموعة) فسنسير في دوائر من دون أن نتعلم في يوم من الأيام كيف نحل النزاع.

ألا تعتقد أن اختطاف العقيدة والثقافة أو الدين لصالح مصالح استراتيجية كهذه يُظهر كيف يمكن أن تشكل أسلحة قاتلة؟

- بالضبط. العقيدة والثقافة والدين جميعها أسلحة ممتازة لإيجاد التضامن بسبب قيمها المتسامية والإلهية. ولكن كأسلحة فهي تستخدم من أجل المصالح الخارجية وليس لنفسها. عندما يتم تحقيق المصالح الخارجية فقد تستخدم لمصالح استراتيجية أخرى، وهي في حالة التغيير الجغرافي السياسي قد تحوّل الحلفاء إلى أعداء.

ما رأيك بمستقبل العلاقات بين المسلمين والغرب؟

- الوضع اليوم مثير. الإسلام ينمو ويتواجد في مراكز حضارية بارزة مثل العواصم الأميركية والأوروبية. يجب على المسلمين هناك كأقليات أن يعبّروا عن طبيعتهم الدينية، ويمرّروا القيم الإسلامية من خلال لغة الدولة المضيفة وهياكلها، بحيث يصبحوا جزءا من كنزها الحضاري. كذلك يشعر بالأمر نفسه الغربيون الذين يعيشون في العالم الإسلامي. يقع مستقبل العلاقات بين المسلمين والغرب في أيدي هؤلاء السفراء، إذ إنهم موجودون في مواقع امتيازية تجعلهم جزءا من كل من المجتمعات الإسلامية والغربية.

*صحافي مركزه جاكرتا ومؤسس مركز مالوكو الإعلامي، وهو مؤسسة للسلام وحل النزاع وصحافة السلام، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً