العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ

«باران» معاناة الأفغان... وللعشق رائحة أخرى

مدينة عيسى - محمّد المخلوق 

20 أغسطس 2008

تتعدّد أشكال قصص الحبّ والعشق، ففي سينما هوليوود وبوليوود تصطبغ بطابع من الخيال الممزوج بالبطولة الخارقة حدّ السّخف، فيما تبدو السينما الإيرانيّة أكثر واقعيّة وشفافيّة في تصوير هذه الحالة الإنسانيّة من خلال إضفاء روحٍ على المواقف البسيطة، وعادة يقوم بذلك أشخاص غير محترفين، في خروجٍ عن النسق المألوف، ربما سعيا لرفد السينما الإيرانيّة بكوادر مبدعة.

ولأجل تلك البساطة والواقعيّة فاز فيلم «باران» لمخرجه مجيد مجيديّ بعدّة جوائز رئيسيّة في جميع أنحاء العالم، ولاسيّما جائزة «أفضل صورة» في المهرجان العامّ الـ 25 للعالم بمونتريال، حيث رشح لجائزة أكاديمية الفيلم الأوروبي. مجيديّ من الجيل الثالث من المخرجين الإيرانيّين الذين غدت لهم شهرة في التسعينيات عالميّا، وتمتاز أفلامه بأنها «تدور حول قصص بسيطة، وحبكة محكمة، وتحمل مسحة شاعريّة روحانيّة، ورسالة إنسانيّة عامّة»، وهو ما جعله الأشهر بين المخرجين الإيرانيّين على المستوى الجماهيريّ.

فيلم «باران» الذي يحكي قصة حبّ بين «لطيف» (حسين عبديني) و «باران» (زهراء برهامي) ينتهي نهاية مفتوحة غير ما يُروى، فيما يبتدئ بقصّة «نجف» أحد اللاجئين الأفغان في إيران الذي يعمل كبني جلدته في البناء بشكل غير قانونيّ، في نقل دقيق لبعض عذابات أولئك المهجّرين. يتعرّض نجف لإصابة تقعده عن العمل، ويضطر لاستخدام ابنه «عبدالرحمن» لدى ميمار المقاول الإيراني الذي يكتري الأفغان خلافا للقانون، ويمتاز بالشدّة والعدالة والعطف في آن واحد.

عبدالرحمن ضعيف البنية ولذلك لا يقوى على أداء عمل والده، ويتعرّض للتهديد بالفصل، إلا أن رحمة ميمار بصديقه «نجف» وتوسلات صديقه الأفغاني «سلطان» تدعوه إلى استبدال الخادم الإيرانيّ «لطيف» بعبدالرحمن الأفغانيّ للقيام بمهمات مريحة أقرب ما تكون لوظائف النساء. يؤدي عبدالرحمن دوره في خدمة العمال بالمطبخ بحرفيّة، تثير إعجاب العمال الذين عانوا من صلافة لطيف وسوء خدماته، في المقابل يزداد حقد الأخير على بديله، محاولا أذيته بأيّ شكل من الأشكال.

يُفاجأ لطيف وهو يتجسّس على عبدالرحمن بأن عامل المطبخ ما هو إلا فتاة وليست صبيّا، لتبدأ سلسلة التحولات في سلوكه وتعاملاته، فتتبدّى في ذلك الفتى المزعج الغضوب روح أخرى تلتهب عشقا وحبّا كلما رأى الفتاة «عبدالرحمن».

تمضي الأيام ولطيف يحاول التقرب من الخادم (الفتاة) التي تقع صدفة بين يدي المفتشين الذين كانوا يراقبون المكان لكثرة الشكوك بشأن تشغيل ميمار للأفغان خلافا للقانون. وفي موقف مغامر/ بطولي غير محسوب يقدم لطيف على إنقاذ الفتاة، ويتسبّب بذلك في طرد جميع الأفغان.

يجد لطيف نفسه بعد تفكيرٍ مضطرا للبحث عن حبيبته، باذلا دون أن يكشف حقيقته كلّ المال الذي ادّخره له ميمار لسنوات رغم علمه أن بعضه لن يعود له، سعيا وراء التخفيف عن آلام الفتاة التي علم أن اسمها «باران». تتأزم الأمور حينما يطلب والد باران قرضا من ميمار، ولما كان الأخير لا يملك يضطر لطيف للتضحية بهويّته ليكتشف أنه ساعد في ابتعاد الحبيبة عنه إلى أفغانستان بعد استقرار الأوضاع.

في اللحظات الأخيرة تتلاقي عينا لطيف العاشق بباران التي أحسّت بمشاعره، إلا أنّ السيارة تمضي لأفغانستان تاركة لطيف وحيدا مبتسما رغم الآلام تحت «الباران» (أي المطر بالفارسيّة)، لتصدق حينها أبيات الإسكافيّ الأفغاني: «من النار الحارّة خلقت الوحدة، يأتي اللهب فيحرق القلب».

العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً