العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ

الطفرة المالية والإصلاح الاقتصادي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عدد العاملين في الحكومة يزداد يوما بعد يوم، ومعاشات الموظفين (المدنيين والعسكريين) تستحوذ على نحو 80 في المئة من موازنة الحكومة... والحكومة تعتمد في وارداتها على النفط بنسبة مماثلة، وهذا يعني أن النفط حاليا يستخدم لصرف معاشات موظفي الدولة. وفي حال انخفض سعر برميل النفط فإن مشكلة ستحل بالموازنة شبيهة بما حدث في ثمانينيات القرن الماضي عندما انخفض سعر النفط وأدى ذلك الى مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية جمة. ولو نظرنا الى النسب المئوية في الصرف الحكومي فإن نحو 44 في المئة من الموازنة يصرف على الأمن والدفاع (مقابل نحو 10 في المئة في البلدان المتقدمة سياسيا واقتصاديا).

وبحسب التقارير المنسوبة إلى صندوق النقد الدولي فإن ارتفاع سعر النفط «أدى الى زيادة إجمالي فائض الحساب الجاري لدول مجلس التعاون الخليجي الى أعلى مستوى له على الإطلاق». وهذا سمح بنمو كبير آخر في ثروات المنطقة الهائلة من صافي الأصول الأجنبية التي تقدر الآن بنحو تريليوني دولار. وقدر صندوق النقد ارتفاع الفائض المالي (مقارنة مع العام الذي سبق) في دول التعاون بـ 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008، كما قدر زيادة السيولة المحلية الخليجية بنسبة 17.4 في المئة (البحرين 21.8 في المئة)، والدخل القومي الخليجي يزيد حاليا على 1.1 تريليون دولار (وهو رقم مرتفع جدا).

عندما طرح مشروع إصلاح سوق العمل في 2004 كانت الأوضاع الاقتصادية ليست بالشكل الموفور الذي هي عليه حاليا، وكانت الاحصاءات تتحدث عن قطار مملوء بالعاطلين يسير بسرعة للاصطدام بواقع اقتصادي غير مستعد لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب الباحثين عن عمل. ولكن، ورغم عدم تغير الهيكلية الاقتصادية، فقد أدت الطفرة المالية الحالية غير المسبوقة الى تأخير وتسويف برامج الإصلاح الاقتصادي، في حين إن الاختصاصيين يشيرون الى أن استمرار الحال الذي نحن عليه ليس مضمونا. ولذا فإن الطفرة المالية يجب أن تستغل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الصعبة، وليس في تأخيرها؛ لأن الوفرة سرعان ما ينتهي زمنها لنعود مرة أخرى الى وضعنا السابق.

إن المال المتوافر حاليا لدى الدولة يمكن الاستفادة منه في رفع مستوى المعيشة، وفي تحقيق عدالة اجتماعية، وفي تأسيس بنية تحتية لتنمية بعيدة المدى، وفي تحويل بلدنا الى ما هي عليه الدول المتقدمة من مختلف النواحي. ففي البلدان الأوروبية تصرف الحكومة نحو 30 في المئة من موازنتها للحماية الاجتماعية عبر دعم الفئات الضعيفة ماليا بهدف رفع مستواها الى مستوى الطبقة المتوسطة وإشراكها في العملية الاقتصادية، بينما تصرف الباقي على الرعاية الصحية والتعليم المتطور والقطاعات التي تنمي المجتمع والاقتصاد، وهو أمر نستطيع القيام به مع توافر العزيمة والعمل الجماعي المشترك.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً