أبدي إعجابا شديدا بالمسلسل التركي المدبلج «نور» ومنافسه «سنوات الضياع»، اللذين يلاقيان جذبا وشدا من كل الأطراف، فلا تخلو جلسة من ذكرهما وذكر أحداثهما، ولا اثنين متعارفين متقاطعين في مشيتهما إلا وألقى أحدهما تعليقا مرتبطا بالمسلسل والمتابعة له على هامش اللقاء، فيما وجد رجال الدين فسحة لهم كي يحرموا مشاهدته، وجاد الباحثون الاجتماعيون بملفات حول الأثر السلبي للمسلسل، وبقي للعذارى سرابات يسبحون فيها متخيلين أياما بين يدي بطل مسلسل «نور» الشهير بـ «مهند». لم يخل بريدي الإلكتروني منذ فترة من الصور والكاريكاتورات والأخبار المرتبطة بالأثر الذي ألحقه هذا المسلسل بالمجتمع العربي قاطبة، إذ أحد الكاريكاتورات كان يصور زوجة تقول لزوجها «خاطري أشوفك مرة وحدة رومنسي وتتعامل معاي برقّة مثل مهند»، فيرد عليها الزوج «مهند رومنسي لأن عنده عصفورة اسمها نور مب فرس النهر»، في إشارة إلى اشتياق الزوجة للرومنسية يقابلها الزوج بعناد أنها لا تتشابه في الجمال مع بطلة المسلسل وزوجة «مهند».
كاريكاتير آخر كان يصور رجلا ذا منخار طويل يحمل صورة مهند إلى العيادة كي يتحول إلى شبيه له، فيما كان آخر يحادث فتاة ويقول لها «صدقيني أنا وايد وايد اشبه مهند والكل يسألني وين ما أروح»، في دلالة على أن صورة مهند أصبحت الصيغة القياسية لفارس الأحلام، ما حدا بالرجال أن يفعلوا المستحيل ليتشبهوا به كسبا لعطف النساء.
حتى صفحات الصحف والمجلات لم تخل من أخبار المسلسلين وتأثر المجتمع بهما، إذ كانت هناك الكثير من الأخبار عن حالات طلاق متعددة بسبب غيرة الأزواج من هيام زوجاتهم في شخصية «مهند» وشخص الممثل الوسيم، حتى باتت بعض الحالات تستفز فيها النساء أزواجهن في رسائل غير مباشرة تطالبهم بالتحول في أساليبهم إلى ما يشبه هذا البطل.
وفيما كنت أتصفح في محل بيع الكتب إحدى المجلات، شدني خبر أن مهند ذاهب للعمرة، في الوقت الذي كانت هناك رسائل إلكترونية منسوخة من مجلات أجنبية تؤكد أن ميل هذا الشاب أحادي الجنس، وهو فيما يبدوا ضريبة الشهرة ومشوار الشائعات التي أطلق «سي مهند» نفسه في وسطها.
والآن، وبعد أن عبرت عن مشاهداتي المحتقنة من هالة المسلسلين التي تحيطني من كل جانب، لا يمكنني أن أخفي أكثر من ذلك أن سر إعجابي بالمسلسل ليس سوى في الكرم الإلهي الذي حظي به هذا الـ «مهند»، وأبطال المسلسلين، فمن أين كانوا؟ وإلى أين وصلوا؟ وما أغربه وأطوله من طريق!
فيا رجال الخير، لا تغضبوا وتحسدون مهند فيما رزقه الله من شهرة وحب الجماهير، فهي في النهاية عطية من الله له؛ ويا فتيات كونوا على وعي أن ما يدور في جميع هذه المسلسلات ليس سوى محض سيناريو، يقرأ من جانب، ويحق للشخص بعده أن يعود لحياته الطبيعية كيفما كانت.
العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ