العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ

تقرير «موديز» بشأن الصيرفة الإسلامية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يناقش المقال بعض ما جاء في تقرير حديث لوكالة «موديز» المتخصصة في تقييم المؤسسات والحكومات ومنح الملاءات المالية تقريرا متميزا عن آفاق الصيرفة الإسلامية. من ضمن الأمور المثيرة، لاحظ التقرير توجه الحكومات (وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي) بالدخول كشريك استراتيجي في المؤسسات المالية الإسلامية لتعزيز موقعها في هذه الصناعة الواعدة.

حصة للحكومات

وهناك بعض الأمثلة المادية لتعزيز هذا الكلام. ففي العام 2007، تم افتتاح بنك نور الإسلامي (تمتلك حكومة دبي وحاكمها البنك مناصفة). ويهدف البنك إلى أن يكون أكبر بنك إسلامي في العالم خلال 5 أعوام. أيضا تم تأسيس بنك الريان الإسلامي في الدوحة بدعم من الحكومة القطرية عن طريق صندوق التقاعد وشركة الديار المتخصصة في مجال الاستثمارات العقارية برأس مال يزيد على ملياري دولار. وقد تم طرح أسهم البنك للاكتتاب العام 2006 وسط إقبال كبير من المواطنين القطريين ورعايا دول مجلس التعاون الخليجي لاقتناء 750 مليون سهم.

كما أكد التقرير بأن الحكومة السعودية تعتبر مساهما رئيسيا في بنك الإنماء السعودي والذي تأسس في العام 2006 برأس مال 4 مليارات دولار ما يعني أنه الأكبر بين البنوك السعودية من حيث حجم رأس المال. وقد تم طرح 70 في المئة من أسهم البنك للاكتتاب العام في وقت سابق من العام الجاري. يشار إلى أن صندوق الاستثمارات العامة ومؤسستي معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية تمتلك النسب المتبقية بواقع 10 في المئة لكل جهة.

منافسة القطاع الخاص

من جهة أخرى، زعم التقرير أن دخول الحكومات كشريك استراتيجي إنما يهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام مؤسسات القطاع الخاص ومنعها من السيطرة على صناعة الصيرفة الإسلامية. بمعنى آخر، تعلم الحكومات بأن الصيرفة الإسلامية توفر مجالا رحبا لتحقيق أرباح طائلة وعليه لا ترغب في تفويت الفرصة على نفسها. حقيقية القول، تتميز البنوك الإسلامية بتسجيل نمو في أرباحها عاما بعد عام. على سبيل المثال، حقق بيت التمويل الخليجي ربحا صافيا قدره 340 مليون دولار في العام 2007 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 61 في المئة في عام واحد. كما تمكن بنك البركة من تحقيق أرباح صافية قدرها 144 مليون دولار في العام 2007 مسجلا نسبة نمو قدرها 79 في المئة. كما حقق بنك الإثمار ربحا صافيا قدره 142 مليون دولار في النصف الأول من العام 2008 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 115 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2007. وهناك سبب آخر لدخول الحكومات في ملكية البنوك الإسلامية وهو ضمان إقناع المتعاملين بأن المؤسسات المالية تعمل وفق المبادئ الإسلامية ما يعني أنها ليست تجارية بالدرجة الأولى. بدورنا نرى صواب هذا التحليل؛ إذ إن الوجود الرسمي ربما يشكل نوعا من ضمان استمرارية عمل المؤسسات المالية الإسلامية حتى في الظروف الصعبة نظرا لقدرة الحكومات على تقديم الدعم متى وأنى كان ضروريا. بل ليس من السهل على الجهات الرسمية السماح للبنوك الإسلامية بالسقوط حفاظا على سمعتها. كما لا يمكن إنكار أن البعض قد يرى في الوجود الرسمي ضمانا بالتزام المؤسسات المالية الإسلامية بالمعايير الدينية.

قيمة الموجودات

حسب وكالة «موديز»، يبلع حجم صناعة الصيرفة الإسلامية 700 مليار دولار في الوقت الحاضر. والأهم من ذلك يرى التقرير إمكانية ارتفاع الرقم إلى 4 تريليونات دولار (4 آلاف مليار دولار). يعد رقم 700 مليار دولار كبيرا؛ إذ يزيد على ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. يشار إلى أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الست قد ارتفع بشكل ملموس في السنوات الخمس الأخيرة وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط؛ إذ زاد على 900 مليار دولار حسب آخر الإحصاءات المتوافرة (بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الخليجية الست مجتمعة 613 مليار دولار في العام 2005).

حتى الأمس القريب كان الاعتقاد السائد أن المؤسسات المالية الإسلامية تدير فيما بينها 500 مليار دولار. يعتقد أن هناك 300 مؤسسة مالية إسلامية تقدم خدماتها في العديد من المناطق في العالم وخصوصا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إضافة إلى آسيا عموما (جنوب آسيا في باكستان وبنغلادش) وجنوب شرق آسيا في كل من ماليزيا وبروناي وإندونيسيا. بدورها تعتبر البحرين واحدة من أهم المراكز العالمية للصيرفة الإسلامية؛ إذ تحتضن العديد من المؤسسات المالية فضلا عن الهيئات المحاسبية والرقابية على هذه الصناعة الواعدة.

منافسة أوروبية

إضافة إلى ذلك، هناك توجه لتعزيز مبادئ الصيرفة الإسلامية في الدول الأوروبية وخصوصا في كل من بريطانيا وفرنسا. ويفهم من التقرير أن باريس تعمل جاهدة لاستقطاب المؤسسات المالية مستفيدة في ذلك من وجود أكبر جالية للمسلمين في أوروبا. لكن تواجه العاصمة الفرنسية منافسة شرسة من العاصمة البريطانية (لندن) والتي نجحت حتى الآن في تنفيذ خطوات عملية بدليل تأسيس البنك الإسلامي البريطاني في العام 2004. كما تدرس الحكومة البريطانية امكانية إصدار صكوك إسلامية لتمويل مشروعات عامة. بيد أن فرنسا في ظل عهد الرئيس نيكولاي ساركوزي مصممة على تعزيز صلتها مع الدول الإسلامية عموما.

ختاما نتفق مع ما جاء في التقرير من أن البنوك الإسلامية ربما تتحاشى الدمج في الوقت الحاضر نظرا لقدرتها على تحقيق أرباح عالية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استمرار النمو في قطاع الصيرفة الإسلامية. يعتقد أن نسبة النمو للصيرفة الإسلامية تتراوح ما بين 15 و 20 في المئة سنويا. الأمر المؤكد هو أننا نعيش العصر الذهبي لصناعة الصيرفة الإسلامية.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً