وصف البعض دورة الألعاب الأولمبية في الصين بـ «أعظم عرض على وجه الأرض»، في إشارة إلى حفل الافتتاح المدهش في 8 أغسطس / آب الجاري، ولكن الدورة كانت أيضا بداية لمرحلة أخرى من ما يسمى بـ «العولمة»... فالرئيس الأميركي جورج بوش بقي أربعة أيام في العاصمة الصينية (بيجين)، وقال الكثير مما أسعد الصينيين، في حين شنّت الصحافة الغربية (الأوروبية على الخصوص) حملة على الصين واتهمتها بالصرف الباذخ من أجل التشويش على وضعها غير الديمقراطي.
غير ان الأحداث التي مر بها العالم أثناء انعقاد الأولمبياد، مثل الحرب في جورجيا، والتهديد الروسي لبولندا، وعدم إمكانية حسم مفاوضات الملف النووي الإيراني، وغيرها من الأحداث أوضحت أن العالم بدأ يطوي مرحلة القطب الواحد باتجاه عالم تتعدد فيه مراكز القوى.
العولمة التي انطلقت سريعا منذ تسعينيات القرن الماضي كانت تعتمد أفكارا معينة، مثل استمرارية القطب الواحد، واستمرارية النمو الأميركي ونمو الإنفاق الأميركي على السلع وبالتالي زيادة وارداتها من الخارج وتغذية النمو من الدول الأخرى. ولكن الاقتصاد الأميركي أصبح مرتبطا بالاقتصاد الصيني بصورة عضوية بسبب مفاهيم العولمة، وهذا الاعتماد سيف ذو حدّين، وهو ما يفسر الحميمية التي أبداها بوش أثناء الأولمبياد. كما ان مفاوضات التجارة الحرة العالمية، في إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تعثرت كثيرا، وهناك توجهات حمائية (ضد حرية التجارة) للحفاظ على المصالح الوطنية، ولاسيما حماية المزارعين وإنتاج الأغذية.
لقد كانت أميركا تتسابق مع منظمة التجارة العالمية من خلال توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول عديدة، من بينها البحرين، وهي بذلك كانت تفرض النهج الأميركي في نظام التجارة العالمي، وكنا في العام 2005 نستبشر بأن توقيع اتفاقية التجارة الحرة سيؤدي إلى رخص الأسعار، ولكن وضع الاقتصاد العالمي الحالي فرض زيادة الأسعار وخلق بيئة مختلفة... بيئة لا تسير على خط تصاعدي مستقيم بقطب واحد... إنها عولمة ربما أخرى اختارت موعد الأولمبياد للانطلاق.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2173 - الأحد 17 أغسطس 2008م الموافق 14 شعبان 1429هـ