طالعتنا صحيفة «الوسط» في عددها الصادر يوم الثلثاء 12 أغسطس/ آب 2008 بخبر مفاده لقاء عاهل البلاد في لندن مجموعة من الجالية اليهودية التي كانت تسكن البحرين ورحلت فيما بعد إلى أوروبا، وتلك لفته كريمة من قبل جلالة الملك تؤكد مدى ما تتميز به مملكة البحرين من تسامح بلغ ذروته في عهد جلالته.
فيهود البحرين هم إخواننا، عشنا معا على أرض هذه البلاد الطيبة وعانينا جميعا من صعوبة العيش في فترات ما قبل النفط، وكانت أواصر المحبة والصداقة تربطنا جميعا ولاتزال. فشعب البحرين بمختلف طوائفه يعد من بين أبرز الشعوب في العالم في مجال التسامح. وقد قدمت الجالية اليهودية في البحرين الكثير من الخدمات وبخاصة في المجال الاقتصادي، فكانت لها مساهمة فاعلة في بناء اقتصاد الوطن. وقد سررنا جميعا عندما تم تعيين السيدة هدى نونو سفيرة؛ لأن ذلك يعني أن المجتمع البحريني نسيج واحد مهما اختلفت الأديان والمذاهب.
إن تعيين السيدة هدى نونو سفيرة لمملكة البحرين بالولايات المتحدة الأميركية له دلالته الخاصة، أهمها الاهتمام بالمواطن البحريني بغض النظر عن دينه أو شجرة السبب التي ينتمي إليها، وهذا مبدأ من بين أهم المبادئ المعمول بها في دول العالم المتحضر. فالسيدة هدى نونو لم يتم اختيارها لكونها يهودية الديانة، مع العلم أن الديانة اليهودية من بين الديانات السماوية المقدسة، بل جاء اختيارها للمنصب نتيجة عدة معطيات أهمها كونها مواطنة بحرينية صالحة تحب وطنها ومواطنيها، كما أن مؤهلاتها وقدراتها وخبراتها في المجالين السياسي والاجتماعي من بين أهم المعطيات التي أوصلتها إلى درجة سفير... وهي تستحق هذا المنصب بجدارة تامة.
إن العائلات اليهودية في البحرين أثبتت حبها للوطن ولعمل الخير، كما أثبتت حرصها على الوحدة الوطنية وتلاحم النسيج الوطني. ويكفي أن أذكر بفخر واعتزاز أنه عندما تم تكريمي هذا العام وبالتحديد في 25 أبريل/ نيسان بمدينة نيودلهي في جمهورية الهند من قبل منتدى الصداقة الهندي وتم منحي الأوسمة والشهادات التقديرية باعتباري رجل العطاء للعام 2008 وفق معايير محددة كان أول مواطن بحريني اتصل بي ليقدم لي التهاني بعد نشر الخبر في صحافتنا المحلية هي الكاتبة الباحثة نانسي خضوري، وهذا يبرهن بصدق على ما ذهبت إليه من ترابط أبناء البحرين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم.
كانت عائلة نونو (أي عائلة السيدة هدى) ولاتزال عائلة تملك الحس الوطني، فهي كما أعلم تقدم المساعدة للمحتاجين دون بهرجة إعلامية أو منة، هدفها مد يد العون والمساعدة انطلاقا من حبهم لأبناء وطنهم، فلا عجب أن تم تعيين أحد أفراد هذا البيت في منصب سفير.
إن تعيين هدى سفيرة في واشنطن جاء في مكانه الصحيح وأثلج صدورنا لما يعنيه هذا التعيين، فهي المعروفة بحسها الوطني ونشاطها الاجتماعي وقدرتها على اقناع محاوريها بالحجج والبراهين انطلاقا من ثقافتها الواسعة... جميع تلك المعطيات تؤهلها لأن تلعب دورا مهما في علاقاتنا مع أقوى دولة في العالم سياسيا واقتصاديا.
إن مصدر سعادتنا الحقيقي يكمن في أن القيادة الرشيدة في مملكتنا العزيزة خطت خطوات واسعة نحو تمكين المرأة البحرينية، ومنحها الفرص لتلعب دورها الصحيح في مجالات العمل المختلفة وفي الوظائف الإشرافية والقيادية المتنوعة، وهذه بادرة تؤكد بجلاء بعد نظر القيادة الحكيمة وتطلعها لأن تجعل البحرين بلد التسامح بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
إقرأ أيضا لـ "منصور محمد سرحان"العدد 2172 - السبت 16 أغسطس 2008م الموافق 13 شعبان 1429هـ