العدد 2172 - السبت 16 أغسطس 2008م الموافق 13 شعبان 1429هـ

باترايوس... و«القوة الذكية»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

دبلوماسية الشرق الوسط التي تحاول تشكيلها الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الماضية تتراوح بين استخدام «القوة الخشنة»، و «القوة الناعمة» و «القوة الذكية». القوة الخشنة هي ما يؤمن به نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني والمحافظون الجدد الذين جاءوا بفكرة «تغيير الأنظمة» غير المرغوب فيها بالقوة وخلق «فوضى بناءة» وقلب الأمور رأسا على عقب.

أما «القوة الناعمة» فهي تلك التي تعتمد على استخدام النفوذ المالي والتأثير السياسي قبل أي شيء ويمكن تحقيق أمور كبيرة من خلالها، وقد كانت بريطانيا تستخدم هذا الأسلوب، وتستخدمه ألمانيا كثيرا في أوروبا.

هناك طرح آخر وهو «القوة الذكية» وهو ربما ما يؤمن به القائد العسكري الأميركي الحالي ديفيد باترايوس الذي يدمج بين استخدام القوتين الخشنة والناعمة، ويعتمد على الذكاء السياسي كخيار أولي يدعمه بالقوة، وعلى هذا الأساس استطاع الأميركان التحالف مع العرب السنة في العراق عبر ما يسمى بـ «مجالس الصحوة»، وهؤلاء كان كثير منهم يقاتل الأميركان، ولكن عندما عرضت عليهم القيادة العسكرية الأميركية خيار المشاركة والنفوذ مقابل التعاون للقضاء على تنظيم القاعدة في مناطق العراق الصعبة، أصبح بالإمكان السيطرة على الوضع الأمني، وهذا ما يعتبر استخداما ناجحا للقوة الذكية بحسب الأميركان.

وقد كتب معلقون سياسيون عما إذا كان الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة الأميركية سيلجأ إلى «القوة الذكية» أم إلى «القوة الخشنة»، والأخيرة هي القوة التي تستخدم القنابل الغبية والقنابل الذكية المخلفة للدمار والمآسي. ومن المحتمل جدا أن يتنازل الرئيس الأميركي المقبل عن فكرة «القوة الخشنة» التي نفذها الرئيس الحالي جورج بوش والتي بدورها كلفت الاقتصاد الأميركي كثيرا، بل وعادت بنتائج سلبية على الدبلوماسية الأميركية، لذلك فإن من غير المتوقع أن تقبل أميركا بأن تكون «قوة ناعمة» تستخدم النفوذ المالي ونفوذ العلاقات فقط، كما هو حال ألمانيا مثلا التي تمتلك الكثير من «القوة الناعمة» في أوروبا. وعليه، فإن الخيار الأفضل للرئيس المقبل (ربما أول رئيس أسود لأميركا باراك أوباما) هو أن يتعلم من باترايوس ويباشر باستخدام «القوة الذكية».

أما نحن العرب فلا نملك وسائل القوة المتطورة، ولكن يمكننا أن نحقق نجاحات كثيرة فيما يتعلق باستخدامات «القوة الناعمة» تماما كما فعلت قطر مع الملف اللبناني.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 2172 - السبت 16 أغسطس 2008م الموافق 13 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً