تخّوف عدد من بائعي اللحم من أن تكون كمية الطلب أكبر من كمية معروض اللحم خلال شهر رمضان بسبب أن الكمية الحالية لا تكفيهم للبيع، على حد قول بعضهم.
وقال البائع جاسم الحليبي خلال جولة قامت بها «الوسط» أخيرا: «إن اللحم حاليا متوافر في السوق بكمية قليلة، ولا يكفي لسد الاحتياجات»، مضيفا «نحن القصابين لا نخاف من ارتفاع سعر الذبيحة خلال شهر رمضان، فالأسعار غالبا ما تكون على حالها، فكيلو لحم الغنم بدينار وكيلو لحم البقر بدينار و200 إضافة إلى أن البعض يبيعه بسعر أقل من المتوقع، لذلك لا خوف من أن ترتفع الأسعار وإنما الخوف من أن تحصل حالة اختناق بسبب عدم توافر الكمية المطلوبة عند القصاب الواحد (...)».
وقال «إن الجهات المسئولة تحاول أن تسد النقص بقدر المستطاع إلا أن المشكلة ليست في هذه الجهات، بل المشكلة في أن كمية اللحم الموجودة قليلة ولا تتعادل مع كمية الطلب. فالمواطنون يطلبون أكثر مما هو موجود في السوق (...) بعض المحلات لديها أربع ذبائح في الوقت الذي يطلب فيه بعض الزبائن ذبيحتين فكيف يتم التوفيق؟ في حال بيع مثل هذه الكمية يتهم بعض المواطنين القصابين بأنهم يخبئون اللحم في الثلاجات وأنهم يريدون تكديسه (...) نحن لا نريد التكديس وإنما نريد أن يفهم المواطن أن الكمية المعروضة قليلة ولا تتعادل مع معدل الطلب».
وأوضح الحليبي أن «النقص جعل بعض القصابين يلجأون إلى استيراد لحم باكستاني، مشيرا إلى أنه حتى هذا اللحم لم يكف بالغرض فالمعروض انتهى»، لافتا إلى أن «سوق اللحم تتعرض لمشكلة عدم تعادل الطلب مع المعروض منذ شهرين، والخوف الأكبر أن يستمر الحال على ما هو عليه حتى شهر رمضان».
وعن الوقت الذي سيتم فيه توزيع اللحم على القصابين للاستعداد لرمضان قال الحليبي: «البعض يقول إن الدفعة الأولى ستصل عن طريق البحر في العشرين من هذا الشهر،وحتى الآن لا نعلم متى ستصل وما التاريخ المحدد الذي سيتم التوزيع فيه».
وطالب الحليبي الجهات المسئولة بزيادة كمية اللحم خلال شهر رمضان حتى لا تحصل مشادات بين المواطنين والقصابين وبين القصابين أنفسهم.
من جانبه نفى القصاب محمد القصاب المخاوف من ارتفاع أسعار اللحوم، قائلا «الأسعار واحدة فجميعنا نبيع بالسعر نفسه، ولا فرق بين البائع الآسيوي والبحريني، ولكن المخاوف الموجودة حاليا هي أن اللحم الموجود لا يستوعب نسبة الطلب، والخوف الأكبر أن يستمر الحال على ما هو عليه إلى شهر رمضان المعروف بكثرة الطلب فيه على اللحم أمام نقص كمية اللحم المطروحة في الأسواق».
وأكد القصاب أن الجميع مرتاح من أسعار اللحم حاليا، مشيرا إلى أنه من بين دول الخليج العربي لم يتغير سعر اللحم لا في البحرين ولا الكويت، فكيلو لحم الغنم يباع بدينار والبقر بدينار و200 فلس.
من جانبه، أوضح أحد البائعين الآسيويين أنه منذ شهرين وكمية اللحم المطروحة في الأسواق قليلة، متوقعا أن يستمر الحال على ما هو عليه حتى شهر رمضان.
وذكر البائع أن المشكلة أنه عندما نقصت الكمية أصبح بعض المواطنين يتهمون البائعين بأنهم يكدسون اللحم لرفع الأسعار، منوها بأن جميع البائعين ليس في مقدروهم تكديس شيء فالمهم بالنسبة إلى أغلبهم هو الربح.
«العلبة الثالثة مجانا» أحدث العروض الترويجية في رمضان
لن تختلف العروض الترويجية في شهر رمضان الماضي عما سيقع في شهر رمضان المقبل، ولكن ما يزيد النار حطبا ارتفاع الأسعار وسط معاناة المستهلكين. وقد قاد الخوف من كساد البضاعة بعض التجار إلى ابتكار جديد وحديث بطرح عرض ترويجي مضاعف المنفعة للمستهلك ألا وهو «اشتر علبتين واحصل على الثالثة مجانا»!
العروض التي غمرت شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام أخيرا تنوّعت البضاعة المعروضة فيها بين الأواني والسيارات والأجهزة الكهربائية. فيا ترى كيف استقبل المواطنون هذه العروض؟
بعض العائلات كانت على أتم الاستعداد لهذه العروض، فهي تنتظرها بفارغ الصبر لذلك بدأت تتجول منذ الأسبوع الماضي في أحد المحلات التي تقدم هذه العروض.
المواطن صادق علي تلقى هذه العروض بالأحضان، وقال: «في كل عام انتظر هذه العروض فهي ترحمني كثيرا من أزمة ارتفاع الأسعار (...) عادة ما أشتري السلع الغذائية بعرض (اشتر علبتين واحصل على الثالثة مجانا). هذه العروض تفيد المستهلك بصورة كبيرة، إلا أن بعض المواطنين يقومون بشراء ما لا يلزم بحجة أن هناك عرضا مقدما، ما يرهق موازنات الأسر بلا طائل».
أما الموظف حسن الموسوي فأكد أن أسرته تستهلك العديد من السلع الغذائية، قائلا: «لهذا السبب ألجأ خلال شهر رمضان إلى المحلات التي تقدم البضائع بأسعار مخفضة، إضافة إلى الحصول على جوائز وعروض ترويجية تمكنني من الحصول على علب مجانا، فهذه السلع ستوفر لي مبلغا لا بأس به بالإمكان أن أستفيد منه في شراء احتياجات أخرى».
أغراض الشهر الكريم من الجوار
بعض المواطنين لم تعجبهم عروض البحرين فقاموا بزيارة بعض الدول المجاورة وشراء بعض الاحتياجات من هناك فالأسعار أقل، وهذا ما أكده المواطنون أنفسهم.
وفي هذا الجانب قالت المواطنة فرح عدنان: «إن العروض الموجودة في البحرين أصبحت مملة، والجميع اعتادها إلا أن عروض التخفيض التي تعرضها بعض الدول المجاورة أفضل، فالأسعار أرخص بكثير، إضافة إلى أن هناك عروضا مشجعة». وأوضح المواطن ذو الفقار محمود أنه اشترى بعض الاحتياجات من المملكة العربية السعودية لأن الأسعار أرخص، مشيرا إلى أن عروض الدول المجاورة توفر مزيدا من الأموال من جهة وكثير من السلع الغذائية من جهة أخرى.
مشتريات البحريني الرمضانية
أكد أحد البائعين أن المواطنين أقبلوا منذ الأسبوع الماضي على شراء السلع الأقل سعرا وذات السلع المجانية المرافقة، فيما أوضح بائع آخر أن بعض المواطنين يقبلون على المحلات التي تعرض كوبونات تمكّن المستهلك من شراء سلع غذائية أخرى بقيمة معنية، مشيرا إلى أن بعض المحلات لجأت إلى هذا الأسلوب هذا العام.
وذكر البائع أن بعض المستهلكين بدأوا يستعدون فعلا لشراء احتياجات رمضان عبر طريق وضع لائحة بأهم الاحتياجات لتوفير الموازنة، فهذه الأسر بدأت شراء الاحتياجات الضرورية والاستغناء عن بعض الاحتياجات التي يمكن أن يتم الحصول على بديل لها توفيرا المال.
ربات البيوت: سنستهلك «ماجلة» رمضان الماضي لتخفيف الضغط على أزواجنا
«شوفي يا أم العيال ترى هالسنة ما راح نشتري أغراض رمضان مو كفاية إلي مجمعتنّه في المخزن صاير إليش سنتين وإنتين تجمعين في هالأغراض وكل مرة تقولين ما عدنا»... «لا يا أبو العيال هالمره بطلع إلي خزنته»... مع قرب رمضان تلجأ بعض ربات البيوت إلى إظهار ما خزنته خلال العام الماضي من باب التوفير وخصوصا في هذه الفترة.
بعض ربات البيوت أكدن أنهن خلال هذا العام سيستغللن ما خزّنهن في العام الماضي؛ لتوفير الأموال والضغط على أزواجهن حيث قالت المواطنة عبير الشهابي: «غالبا ما يتبقى لدي مواد غذائية في كل رمضان وهناك العديد من المواد الغذائية المتبقية منذ شهر رمضان الماضي وخصوصا المواد التي تستخدم في عمل الحلويات لذا فإني لن أشتريها هذا العام وخصوصا أن مدة صلاحيتها لم تنتهِ إلى الآن وبذلك سأوفر الكثير من الأموال لعائلتي ولاسيما أن جميع الاحتياجات ارتفع سعرها أخيرا».
وأضافت «سأشتري المواد الأساسية كاللحم والدجاج وبعض المعجنات التي يمكن تجميدها وقليها في أي وقت أما المواد التي تستخدم في صنع الحلويات وغيرها فهي موجودة أساسا منذ العام الماضي».
صلاحية ما بقي لم تنتهِ وسأستخدمه
من جهتها، ذكرت المواطنة غادة سلمان «اشتريت خلال رمضان الماضي الكثير من المواد الغذائية لذا فإن هناك العديد من المواد الغذائية الموجودة التي بقيت منذ العام الماضي»، مشيرة إلى أنها لن تشتري احتياجات شهر رمضان بسبب أن ما تبقى يكفيها طوال شهر رمضان، ومبيّنة أن ذلك سينجي عائلتها من ارتفاع الأسعار الذي تشهده احتياجات رمضان حاليا.
واتفقت معها المواطنة معصومة علي التي أكدت أن ليس لديها النية في شراء أي مواد غذائية لشهر رمضان إذ إنها تملك جميع المواد الغذائية لاحتياجات رمضان، موضحة أن تخزينها المواد الغذائية نجاها خلال هذا العام من الأسعار التي أصبحت تغلي كما يغلي الماء على النار.
أكثر من 16 علبة للكيك مخزنة لديّ
أما المواطنة بتول السيد جليل فأوضحت أنها أخبرت زوجها عزوفها عن شراء علب الكيك الجاهزة هذا العام؛ لأنها تملك ما يقارب 16 علبة منها قامت بتخزينها منذ العام الماضي، مشيرة إلى أن تخزين هذه العلب التي لم تنتهِ صلاحياتها أفادها بشكل كبير.
لا هريس ولا ثريد ولا خبيص على «سفرة الفطور»..الأكلات الشعبية تنسحب من حلبة منافسة مائدة رمضان
«اسمع يا بو العيال، رمضان هالسنة غير... يعني ما في هريس ولا ثريد ولا مضروبة ولا بلاليط، ترى كل ربعي يأخذون أكل مثلج ويقلونه، يعني ما إلينا في هالأكلات الشعبية»! هذا كلام بعض المتزوجات وخصوصا الشابات اللواتي امتنعن عن طبخ الأكلات الشعبية، ولجأن إلى الأكلات المثلجة التي تبيعها ربات البيوت عليهن.
المعروف عن شهر رمضان أنه شهر التفنن في إعداد الأكلات الشعبية القديمة التي ترصّ بعناية على سفرة الفطور، إلا أن هذه الأكلات بدأت تنسحب من المنافسة على مائدة الإفطار لصالح وجبات المطاعم التي وفرت الراحة لربات البيوت، إلى جانب اعتماد ربات البيوت على الأخريات اللواتي لجأن الآن إلى بيع أكلات مثلجة ليس على ربة المنزل سوى القلي فقط.
المطاعم والزيجات الحديثة في قفص الاتهام
بعض المواطنين عزوا انسحاب الأكلات الشعبية الرمضانية من على السفرة إلى وجود المطاعم التي وفرت كل شي، فهي توفر الهريس الجاهز والبلاليط الجاهز وبأسعار لا بأس بها، فمن الطبيعي أن يقبل عليها الجميع وخصوصا أن السعر مناسب، والراحة في هذه الحالة مضمونة لربات البيوت.
وفي هذا الجانب، قال الموظف محمد الخاجة: «تزوجت قبل ثلاثة أعوام وزوجتي لا تعرف طبخ الأكلات الشعبية، لذلك توفر المطاعم لي هذه الأكلات بأسعار مناسبة، فالصحن الصغير يباع في أحيان كثيرة ولجميع الأكلات بدينار أو 700 فلس والصحن الكبير بدينار و200 فلس».
بعض الرجال اتهموا النساء بأنهن السبب فيما يحدث، وخصوصا أن العديد من النساء وخصوصا العاملات أصبحن يفتقدن الوقت لطبخ الأكلات التي تستغرق وقتا طويلا حتى يتم الانتهاء منها، لذلك ألغيت هذه الأكلات من قائمة رمضان وفضل عليها طبخ طبق أو طبقين مرة واحدة في الأسبوع طوال الشهر الكريم.
وتقول الموظفة شهناز علي: «عمل الأكلات الشعبية يستغرق وقتا طويلا فهو يستغرق فترة الصباح وفترة الظهر لعله يتم الانتهاء منها، فمن الطبيعي ألا تستطيع المرأة العاملة طبخ هذه الأكلات وتكتفي بالاقتصار على الرز واللحم إلى جانب قلي المثلجات كالسمبوسة والفطائر».
المثلجات والأكلات الغربية ضيفان جديدان
البعض يعتقد أن السبب في اندثار الأكلات الشعبية هو أن العديد من المشاريع التي تديرها ربات البيوت في شهر رمضان هي السبب، فهذه المشاريع عبارة عن مثلجات تباع بالدرزن، وتمكّن مشتريها من قليها في أي وقت وحتى إن انتهى شهر رمضان.
والعديد من المواطنات يلجأن إلى الشراء من هذه المثلجات، وخصوصا أنها سهلة ولا تكلفهم جهدا كبيرا سوى القلي، لذلك فالعديد من المواطنات جعلن هذه المثلجات الطبق الرئيسي على المائدة.
البعض يؤكد أن الأكلات الغربية هي التي احتلت قائمة رمضان خلال الأعوام الماضية، إذ قالت إحدى النساء: «في السابق قبل خمسة أعوام كانت الأكلات الشعبية تزين موائدنا إلا أن أولادي أصبحوا الآن يطلبون الأكلات الغربية كالباستا وشوربة المشروم والدجاج بالقصم لذلك من الطبيعي أن تندثر أكلاتنا الشعبية».
ورغم كل تلك التحولات التي يبدو أنها تزحف على المجتمعات البحرينية والخليجية بل والعربية والإسلامية أيضا نتيجة تقلبات الحياة وسيطرة الثقافة الغربية علينا فإننا نجد أن بعض جداتنا وأمهاتنا وبناتنا يصررن على تحضير الأكلات الشعبية في رمضان، وحينها يشعر الصائم وهو يمرّ على تلك البيوتات بعبق الماضي ورمضان الطفولة والشباب، فهل تعود تلك الأيام والليالي أم تبقى ذكريات في المتحف الوطني وعلى صفحات كتب التراث؟!
العدد 2172 - السبت 16 أغسطس 2008م الموافق 13 شعبان 1429هـ