تعتبر معلمة رياض الأطفال أهم ركن من أركان العملية التعليمية لأن وظيفتها غير مقصورة علي التعليم بل هي مربية بالدرجة الأولى، ولا يتوقف تأثيرها في الأطفال على مهاراتها الفنية وإتقانها للمواد العلمية فقط، إنما على اتجاهاتها ومعتقداتها التي تنعكس على الأطفال الذين يعتبرونها القدوة والمثل الأعلى. من هنا نرى أن هذه المهنة في غاية الحساسية وتتحمل الكثير من الصعاب. ولكن على رغم كل هذه المسئولية التي تتحملها معلمة الروضة فإنها تكافأ براتب شهري زهيد.
وهنا تطرح الكثير من التساؤلات عن وضع معلمات رياض الأطفال، والمشكلات التي تعاني منها.
معلمة الروضة كبديلة للأم
من هذا المنطلق ذكرت مديرة روضة العلا النموذجية زكية السيد علي «إن معلمة الروضة مسئولة عن جميع ما يتعلمه الطفل لأنه ينفصل عن أمه ما يقارب ست ساعات وهي ليست فترة قصيرة لذلك على معلمة الروضة أن تعوضه ما يفقده من عطف وحنان وتكون كبديل للأم، وألا يقتصر دورها على التدريس بل عليها أن تساعد الطفل على التكيف مع المجتمع والمحافظة على قيمه النبيلة».
وأشارت إلى أن أهم الخصائص التي لابد أن تتحلى بها معلمة الروضة تتمثل في الرغبة والاستعداد للتعامل مع الأطفال والقدرة على الإبداع والابتكار إلى جانب قوة الشخصية وحسن المظهر الخارجي. وشددت على أن يكون من واجب المعلمة أن تطلع على كل ما هو جديد في مجال عملها وفي مجال التربية وعلم النفس خصوصا، وتجدد من ثقافتها عموما، بالإضافة إلى التطوير المستمر لقدراتها.
ورأت المعلمة في روضة العلا النموذجية عقيلة الموسوي أن القدرة على توصيل المعلومة بالشكل الذي يتناسب مع المرحلة العمرية من السمات المهمة التي تحتاجها معلمة رياض الأطفال، بالإضافة إلى قوة الصوت والقدرة على التحكم فيه.
دورها كمعلمة ومتعلمة
إلى ذلك، أكدت المعلمة السابقة في روضة الغدير ليلى الخباز ضرورة أن تكون معلمة الروضة معلمة ومتعلمة في الوقت ذاته، وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا لم تستمر معلمة رياض الأطفال في التعلم ومواكبة التطور العلمي لن تستطيع التغيير في أسلوب ومنهجية التعليم، لذا لابد لها أن تأخذ في عين الاعتبار أن الأطفال يحبون التغيير المستمر وكسر قاعدة الروتين.
عقبات في الطريق
وعلى الصعيد نفسه، تشارك الناشطة النسائية سكينة العكري الحديث في هذا الإطار موضحة أن دور معلمة الروضة كبير ولا يمكن حصره في زاوية واحدة، وأضافت «مما يؤسف له حقا أن الواقع الحالي فرض عليها الكثير من الواجبات والمسئوليات، ولم يعطها بالمقابل حقوقها المنشودة فباتت رسالتها الحالية مشوشة».
وترى العكري أن غياب الوضوح والرؤية في دور معلمة رياض الأطفال، إلى جانب موقعها الرسمي ضمن الجهات الرسمية، وحقوقها الرسمية المتعلقة براتبها وإجازاتها الرسمية السنوية أو الطارئة تعد من أبرز المشكلات التي تعانيها معلمة الروضة.
أما الموسوي فتشير إلى أن الصعوبات التي تواجهها معلمة الروضة تكمن في كثرة عدد الأطفال في الصف الواحد وعدم وجود مساعدة للمدرسة الأصلية، إلى جانب وجود نقص كبير في الوسائل التعليمية والألعاب الترفيهية في بعض الروضات وضعف الحوافز والدعم المادي للمعلمة.
انخفاض الراتب... إلى متى؟
وبحسب مديرة روضة العلا النموذجية فهي تؤكد قضية تعاني منها جميع معلمات رياض الأطفال ألا وهي انخفاض رواتبهن الشهرية التي لا تتساوى مع الجهود العظيمة التي يبذلونها, وأشارت إلى أن راتب 80 دينارا وحتى 150 دينارا يعتبر إجحافا وظلما لحقهن. وناشدت وزارة التربية والتعليم المساهمة في رفع الراتب الشهري للمعلمة بأن تدفع الوزارة 40 في المئة على الأقل لأن كثيرا من الروضات لا يكاد دخلها يفي بمتطلبات الروضة من إيجار المبنى وأجور الموظفين مع فواتير الكهرباء والهاتف. إلى جانب المساهمة في إنشاء مبانٍ لرياض الأطفال حسب المواصفات المطلوبة وتأجيرها بأسعار مناسبة على أصحاب الرياض بدلا من استئجار فلل بأسعار خيالية ولا تفي بالغرض.
فيما لفتت الخباز إلى أن العمل في الروضة يحتاج إلى إعداد الكثير من الأنشطة والمجسمات، كما أن الطفل يحتاج إلى التشجيع الدائم عن طريق تقديم الهدايا له وهذا يحتاج إلى الكثير من الأموال التي تصرفها المعلمة من جيبها جراء غياب الدعم المادي لها.
وطالبت المعلمات اللاتي تحدثت معهن «الوسط» بعمل دورات تدريبية تساهم في تنمية قدراتهن ومهاراتهن في هذا المجال، بالإضافة إلى وضع منهج موحد لجميع مراحل رياض الأطفال مع وضع تأمين خاص لمعلمة الروضة يضمن حقها.
وقفة مع أولياء الأمور
ومن جانب آخر، التقت «الوسط» مع عدد من أولياء الأمور الذين تحدثوا عن أهمية مرحلة الروضة بالنسبة لأبنائهم، وطرحوا مقترحات في شأن تطوير رياض الأطفال، فقد أفادت أم سجاد بأن مرحلة الروضة باتت ضرورة لتأهيل الطفل قبل دخول المدرسة.
وفي المقابل ترى أم سجاد أن مناهج الروضات لا ترتقي إلى مستوى العصر بسبب اعتمادها الأسلوب التقليدي في التدريس الذي سرعان ما يمل منه الطفل، لذا فهي تطالب باستخدام مناهج متطورة تنحو إلى المنحنى العملي الذي يخلق إنسانا محبا للعلم، وذلك عن طريق اعتماد الصفوف المفتوحة التي ينطلق فيها الطفل بحرية ويمارس فيها هواياته مما يساعده على الإبداع والابتكار.
أما من وجهة نظر أم آلاء فهي ترى أن الروضات تقوم بأداء واجبها على أكمل وجه، كما شددت على ضرورة اهتمام وزارة التربية والتعليم بالروضات عن طريق تأهيل وتشجيع خريجات رياض الأطفال، وتضيف أن انخفاض راتب مدرسة الروضة يؤدي إلى خفض رغبتها في مواصلة هذه المهنة لأن حقها لم ينصف.
من جهته، أكدت أم كوثر ضرورة أن تشتمل المناهج الدراسية على أساسيات اللغتين العربية والإنجليزية وألا تخلو من أساليب التشويق التي تجعل الطفل يتقبل المعلومات بسهولة.
العدد 2170 - الخميس 14 أغسطس 2008م الموافق 11 شعبان 1429هـ