العدد 2170 - الخميس 14 أغسطس 2008م الموافق 11 شعبان 1429هـ

النائب الفضالة يؤرّخ معركة «هجوم الجرافات على سواحل البحرين»

كان من اليسير ملاحظة مشاعر الحسرة والحزن والغضب في نفوس حضور مجلس أحمد الجناحي في عراد مساء أمس الأول (الأربعاء) ضمن البرنامج الثقافي للمجلس الذي استضاف رئيس لجنة التحقيق في تجاوزات الدفان البرلمانية النائب ناصر الفضالة لتقديم حقائق «موجعة للرأي العام» بشأن الدفان الجائر الذي تتعرض له سواحل المملكة ومناطقها البحرية.

وبدت تلك المشاعر في أوجها عندما استعرض الفضالة «تشكيلة» من مشاريع المنتجعات والجزر التي جارت على السواحل، ووجه سؤاله للحضور: «حاولوا أن تحددوا ولو منفعة واحدة يستفيد منها المواطن البحريني من تلك المشاريع»، ولم تكن الإجابات التي ترددت هنا وهناك في المجلس مختلفة عن بعضها بعضا، لأنها كانت مختصرة ومكررة في عبارة :«ولا شي»!

بين العباسي والسعيدي

وعلاوة على حساسية الموضوع الشديدة كانت هناك بعض «النغزات» المباغتة، فقد قدم مدير الندوة الباحث البيئي غازي المرباطي ضيف المجلس الخبير الكويتي في شئون البيئة مبارك العجيمي ليدشن كتابه الجديد «النفايات المنزلية الصلبة» الذي شرح مضمونه بالقول إنه يتناول تقنيات تحويل النفايات المنزلية الصلبة إلى منتجات يمكن بيعها، مشددا في الوقت ذاته على المشاكل البيئية التي تشهدها كل دول مجلس التعاون الخليجي وتأكيد أن البيئة أمانة يجب حملها والدفاع عنها.

وقدم العجيمي نسخا كإهداءات لصاحب المجلس ولعدد من الشخصيات والنواب الذين كان بينهم النائب جاسم السعيدي، وهي اللحظة التي استغلها الكاتب عبدالله العباسي ليرفع صوته بالقول: «هذا الكتاب لن يرضي النائب جاسم السعيدي؟»، فالتفت الأخير ليقول: «لماذا؟»، فأجابه العباسي: «لأنه كتاب ضد الحكام»، وهنا لم يتأخر السعيدي ليجيب: «يبدو أنك لا تتابع وعندك مغالطات»، وانتهت المشادة الكلامية العابرة حينما دعا مدير الندوة المرباطي النائب الفضالة ليبدأ الحديث في موضوعه.

6 دقائق من الألم

وبدأت الأمسية بتقديم فيلم قصير مدته 6 دقائق ولكنه كان مؤلما إلى درجة كبيرة، إذ كانت مشاهد الفيلم تتحدث عن إحدى قرى المحرق التي كانت تتمتع بحيوية سواحلها في يوم من الأيام، ونقلت المشاهد صورا للأطفال وهم يسبحون في البحر ويصطادون السمك، فيما كانت المشاهد الأخرى تنقل صورا للصيادين وباعة السمك في السوق، لتبدأ المأساة الحقيقية عندما نقل الفيلم صورا ومشاهد لعمليات الردم الجائرة وحركة الآليات وهي تردم مساحات من السواحل بطريقة جائرة ضاعفت وقعها المؤثرات الموسيقية الحزينة للمشاهد التي أبدع مخرج الفيلم عباس حميد في اختيارها بدقة لتلقي بتأثيرها الذي بدا واضحا على وجوه الحضور وهم يشاهدون مشاهد من أصعب اللحظات على أهل البلد وهم يرون اغتيال سواحلهم بالردم.

وشرح مدير الندوة غازي المرباطي مضمون الأمسية وهو الحديث عن التغيرات الطبوغرافية في البحرين بسبب عمليات الدفان عبر إقامة المزيد من المنتجعات السياحية والجزر الصناعية وردم السواحل، ما أثر وسيؤثر على البيئة البحرية والحياة الفطرية وكذلك موازنة الدولة، مستعرضا عدة محاور مهمة عبر أسئلة منها: لمصلحة من يتم الردم في البلاد؟ وما تأثيراته على الموازنة العامة وعلى المظاهر الطبيعية؟ بل ومن ناحية خلق فجوة اجتماعية بين أفراد المجتمع، موضحا أن الكثير منا يعلم أن هذه الجزر الصناعية تأسست على مفهوم الاستثمار العقاري «الخاص»، متمنيا أن يتمكن النائب الفضالة من تقديم صورة واضحة للرأي العام في هذا الشأن.

عمليات الردم الجائر تتسع

من جانبه، شدد الفضالة على أن اللجنة البرلمانية ستحمل مسئوليتها الوطنية في مواصلة التحقيق في القضية، مستعرضا أسباب ومبررات تشكيل اللجنة عبر استخدام عبارة موجزة وهي: «هجوم الجرافات على سواحل البحرين».

وكرر القول إن عمليات الردم والدفان الجائر اتسعت رقعتها دون التزام بالقوانين والأنظمة، فقد كان المواطن البحريني يعيش على سواحل مفتوحة لا يقدر أحد على عزلها أو «أخذها» من المواطنين، وشرح عبر جهاز العرض بالكمبيوتر المحمول طرق الدفان الصحيحة، وصور الدفان المخالفة التي تشهدها السواحل باستخدام مخلفات البناء والأنقاض ونوافير الرمال والناقلات البحرية «التكات» التي تحمل كميات كبيرة من الرمال في حوضها وتنزله مباشرة إلى القاع من خلال فتحات ضخ سفلية مع غياب الإجراءات الرادعة، أو الغرامة التي لا تزيد عن 10 دنانير عقوبة لمن «يدمر السواحل».

ولم يغفل الفضالة عن نقل كارثة خليج توبلي للحضور في ظل تأكيده عدم وجود خطة استراتيجية للدفان، وتعرض البيئة لتدمير مزدوج عبر تخريب المناطق التي يتم نقل الرمال منها من جهة، وتخريب البيئة البحرية التي تدفن بها من جهة أخرى.

وتطرق إلى حملات منظمة «أوشن» العالمية التي شارك فيها حوالي 33 ألف متطوع للتوعية بالحفاظ على البيئة وشملت 76 بلدا من مختلف دول العالم بينها البحرين، إذ أزال المتطوعون 150 كيلوغراما من المهملات على ساحل بحريني طوله كيلومترين، وكانت عبارة عن مهملات «بسيطة» كالأكياس والعلب وما شابهها!

وأعاد التحذير من مخاطر عمليات الدفان التي تقضي على التنوع البيولوجي في البيئات الساحلية، وكذلك القضاء على الامتدادات الساحلية التي تتميز بها البحرين علاوة على تدمير الثروة البحرية، مؤكدا أن اللجنة ستواصل التحقيق في الكارثة لأنه ذلك «واجبها الوطني».

العدد 2170 - الخميس 14 أغسطس 2008م الموافق 11 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً