تمحورت معظم الدراسات التي تناولت أوضاع العمالة الوافدة، وخصوصا غير العربية منها، على الجوانب الثقافية والإفرازات الحضارية التي ولَّدتها تلك العمالة. وعلى رغم أن تلك الدراسات، حذرت في معظمها من النتائج السلبية، فإننا وجدنا البعض منها، معززا بالكثير من الشواهد الصحيحة، لا يطمس بعض الجوانب الإيجابية لها، بما في ذلك، تلك الجوانب الحضارية والإنثروبولوجية. معدودة الدراسات الجادة والموثقة والمستخرجة نتائجها من دراسات ميدانية تلك التي تناولت موضوعا في غاية الأهمية والذي هو الجانب المالي، بشكل محدد، في نطاق تناولها للقضايا الاقتصادية.
وما يجعل من قضايا العمالة الوافدة موضوعا مهمّا وملحّا في آن، هو تداخل نسيج تلك المسائل التي تثيرها من ناحية، وتعدد أوجه تمظهرها من ناحية ثانية، الأمر الذي يحولها إلى ما يشبه القنابل الموقوتة التي تهدد بالانفجار في أية لحظة، ومن دون أي سابق إنذار.
كثيرة تلك الأمور التي يمكن ان تدفع بقضايا العمالة الوافدة إلى السطح، من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، ذلك التقرير الصادر عن اللجنة القطرية الدائمة للسكان في مدينة الدوحة، والذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية، وفيه تحذير صريح للنزيف المالي الذي باتت تعاني منه دول مجلس التعاون من جراء الأرقام الفلكية المهدورة والناجمة عن التحويلات المالية التي تبعث بها العمالة الوافدة من المنطقة. يؤكد التقرير أن تلك الأموال المحولة من دولة قطر وحدها قد تضاعفت منذ العام 2002، ووصل حجمها خلال السنوات الست الأخيرة إلى ما يربو على 20 مليار دولار، من بينها 5 مليارات دولار خلال العام 2007 وحده. وأصبحت هذه التحويلات تشكل اليوم حوالى 7,2 من الناتج المحلي الإجمالي لدول هذه المنطقة للعام 2007 والبالغ حوالي 70,8 مليار دولار، وبهذا تصبح قطر إحدى الدول الأساسية التي تساهم في حجم التحويلات الدولية للعمالة والمهاجرين إذ تساهم بحوالي 2,2 في المئة من إجمالي التحويلات الدولية التي قدرت خلال العام 2007 بحوالي 240 مليار دولار.
ويحدد التقرير أن تلك التحويلات تذهب في الغالب الى الدول الأكثر تصديرا للعمالة ولا سيما الدول الآسيوية والدول العربية التي حصلت مجتمعة على حوالي 57 في المئة من إجمالي تحويلات العمالة الوافدة المقيمة في دولة قطر بين 2002 و2007.
وعلى مستوى دولة الإمارات يورد موقع عربيات مقالا لسعيد سويد النصيبي يقدر فيها أن قيمة التحويلات «التي تقوم بها العمالة الأجنبية سنويّا من الدولة تصل الى رقم كبير وبحسب تقديرات وزير العمل تصل الى 20 مليار دولار، بينما تشير التقديرات غير الرسمية الى أنها تصل الى 40 مليار دولار سنويّا، وهذه العمالة تحول نحو 70 في المئة من الدخل سنويّا خارج الدولة».
وفي السياق ذاته، أفاد مدير مركز المعلومات بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، رياض خليل مطر، بأن «حجم التحويلات المالية غير المنظورة، أو ما يطلق عليها حاليّا (الحوالة دار)، يقدر بنحو 20في المئة - 25 في المئة من إجمالي قيمة تحويلات العمالة الوافدة للخارج، بحسب تقديرات الخبراء والدراسات، موضحا أن ذلك يعني أن إجمالي المبالغ المحولة بشكل غير رسمي، يصل إلى أكثر من 6 مليارات دولار سنويّا، من إجمالي تحويلات العمالة الوافدة، والتي تقدر بنحو 26 مليار دولار بحسب التقارير الرسمية».
هذ وتراوح نسبة العمالة الأجنبية في بعض دول الخليج ما بين 60 و80 في المئة من إجمالي قوة العمل. وذلك وفق دراسة أعدتها إدارة الدراسات والتكامل الاقتصادي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعنوان: «تحويلات العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون - محدداتها وآثارها الاقتصادية» ورد فيها أن تحويلات الأجانب بالنسبة إلى دول المجلس الست مجتمعة خلال العام 2004، بلغت نحو 27 مليار دولار، «تمثل المملكة العربية السعودية، أكثر من 60 في المئة من حجم هذه التحويلات، أو ما يعادل نحو 16 مليار دولار سنويّا، في حين تمثل تحويلات العاملين في دولة الإمارات نسبة 16 في المئة من الإجمالي، أو 4 مليارات دولار سنويّا، بينما يتوزع الباقي بنحو 7 مليارات دولار سنويا على دول المجلس الأخرى».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2169 - الأربعاء 13 أغسطس 2008م الموافق 10 شعبان 1429هـ