العدد 2169 - الأربعاء 13 أغسطس 2008م الموافق 10 شعبان 1429هـ

هو هادئٌ، وأنا كذلك*

هوَ هادئٌ، وأنا كذلك

يحتسي شايا بليمونٍ،

وأشربُ قهوة،

هذا هو الشيءُ المغايرُ بيننا.

هوَ يرتدي، مثلي، قميصا واسعا ومُخططا

وأنا أطالعُ، مثلَهُ، صُحُفَ المساءْ.

هو لا يراني حين أنظرُ خلسة،

أنا لا أراه حين ينظرُ خلسة،

هو هادئٌ، وأنا كذلك.

يسألُ الجرسون شيئا،

أسألُ الجرسونَ شيئا...

قطةٌ سوداءُ تعبُرُ بيننا،

فأجسّ فروةَ ليلها

ويجسُّ فروةَ ليلها...

أنا لا أقول لَهُ: السماءُ اليومَ صافيةٌ

وأكثرُ زرقة.

هو لا يقول لي: السماءُ اليوم صافيةٌ.

هو المرئيُّ والرائي

أنا المرئيُّ والرائي.

أحرِّكُ رِجْليَ اليُسرى

يحرك رجلَهُ اليُمنى.

أدندنُ لحن أغنيةٍ،

يدندن لحن أغنية مشابهةٍ.

أفكِّرُ: هل هو المرآة أبصر فيه نفسي؟

ثم أنظر نحو عينيه،

ولكن لا أراهُ...

فأتركُ المقهى على عجلٍ.

أفكّر: رُبَّما هو قاتلٌ، أو رُبما

هو عابرٌ قد ظنَّ أني قاتلٌ

هو خائفٌ، وأنا كذلك!

الظل

الظلُّ، لا ذَكرٌ ولا أنثى

رماديٌّ، ولو أشعلْتُ فيه النارَ...

يتبعُني، ويكبرُ ثُمَّ يصغرُ

كنت أمشي. كان يمشي

كنت أجلسُ. كان يجلسُ

كنت أركضُ. كان يركضُ

قلتُ: أخدعُهُ وأخلعُ معطفي الكُحْليَّ

قلَّدني

استدَرْتُ الى الطريق الجانبيةِ

فاستدار الى الطريق الجانبية.

قلتُ: أخدعُهُ وأخرجُ من غروب مدينتي

فرأيتُهُ يمشي أمامي

في غروب مدينةٍ أخرى...

فقلت: أعود مُتّكئا على عكازتين

فعاد متكئا على عكازتين

فقلت: أحمله على كتفيَّ،

فاستعصى...

فقلتُ: إذنْ، سأتبعُهُ لأخدعهُ

سأتبعُ ببغاء الشكل سخرية

أقلِّد ما يُقلِّدني

لكي يقع الشبيهُ على الشبيه

فلا أراهُ، ولا يراني.

* من ديوان «لا تعتذر عما فعلت»

العدد 2169 - الأربعاء 13 أغسطس 2008م الموافق 10 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً