العدد 2168 - الثلثاء 12 أغسطس 2008م الموافق 09 شعبان 1429هـ

التسويق الإرهابي... آخر المستجدات في عالم التدريب

عبدعلي محمد حسن comments [at] alwasatnews.com

قام «جيفري جيتومورس» بالإجابة على 99 في المئة من الأسئلة التي تدور في رأس المسوقين في كتابه المعنون «الكتيب الأحمر للإجابة على أسئلة المبيعات» (Little Red Book of Sales Answers).

وأضاف عليه أن رجل المبيعات الناجح هو القادر على تقديم ما يحتاجه الزبون, ومن جانبه قام «كوتيلر» وهو أشهر من كتب في التسويق والمبيعات بتعريف المؤسسة القادرة على التسويق بأنها تلك التي تقدم الخدمات والمنتجات التي تتواءم واحتياجات شريحة زبائنها، آخذة في الاعتبار القدرات الشرائية والخصائص الديموغرافية لزبائنها. وهنا نستخلص أن التسويق يحتاج إلى تلاقي احتياجات الزبون ومواصفات البضاعة أو الخدمة المقدمة لتتم عملية البيع والشراء.

تتمتع مملكة البحرين بميزة اقتصادية فريدة وهي كثرة المنافسة واحتدامها في معظم القطاعات الاقتصادية وهذه الميزة تدفع بعض المؤسسات للإبداع في التسويق وتدفع الأخرى للخروج من المولد بلا حمص.

بالتفافة بسيطة للتسويق قي قطاع التدريب، نستطيع الجزم بأن هذا القطاع بحاجة ماسة للإصلاح سريعا جدا إذ نستطيع تقسيم أساليب التسويق في قطاع التدريب إلى ثلاثة أنواع، الأول هو الأسلوب الاحترافي والذي يعتمد على تقديم خدمات وبرامج تدريبية توائم احتياجات المؤسسات وأرباب العمل، وبذلك تقوم المؤسسات باختيار هذه البرامج والخدمات التي تلبي احتياجاتها.

أما الأسلوب الثاني في التسويق لدى بعض المؤسسات التدريبية يأتي على غرار التسويق لدى محلات المساج في «كولامبور»، إذ يدخل الزبون ويعرض عليه قائمة بأنواع المساج المختلفة تبدأ من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين بالجملة وبالقطاعي، فبإمكان الزبون أن يدلك رأسه فقط ويمكنه أن يدلك جسمه بالكامل وتقوم هذه الآلية على نظرية أنه كله مساج.

بعض مؤسساتنا التدريبية أصبحت ترفع شعار «لدينا كل ما تريد» تدريب إداري، هندسي، تكنولوجي، نفسي، أكاديمي، احترافي وفي النهاية كله تدريب. هذه العشوائية في التخصص أفقدت هذه المؤسسات التدريبية خاصية التأثير في التدريب، فأصبحت بلا هوية ولا طعم والقائمون على هذه المعاهد والجامعات يعتقدون بأن عملية التدريب بسيطة جدا، مدرب، مادة تدريبية وصالة تدريب مع بعض المحفزات للحضور مثل فندق 5 نجوم وقائمة طعام درجة أولى وعشرين دينارا في نهاية الورشة التدريبية وذلك لضمان ستر الحال واستمرار قطار جمع الأموال من دون حق.

أما النوع الثالث والأخير في أساليب التسويق لدى المؤسسات التعليمية والتدريبية بالبحرين فهو أسلوب مبتكر ويجب تسجيل براءة اختراعه بأسماء المؤسسات التي تمارسه، ونطلق على هذا الأسلوب، التسويق الإرهابي!، وهو أسلوب يعتمد على إرهاب المسئولين بالمؤسسات العامة والخاصة بأساليب مختلفة نذكر منها: تثبيت رشوة بعض المسئولين، من خلال تسجيل أصواتهم بعد استدراجهم عن طريق قلم صغير يسمى «Dectepholice» يوضع بالجيب أو على الطاولة ويتم تسجيل الحديث أو عن طريق الموبايل، وآخر الأدوات المستخدمة في هذا النوع من التسويق هو أسلوب الاعتماد على زرع أحد أفراد العائلة ببعض المؤسسات لضمان استمرارية ولاء المؤسسات للمعهد التدريبي. وأطلق مخترعو هذا النظام التسويقي كذبة جديدة لطمأنة المتعاونين معهم من مسئولي التدريب بأن المعاهد التي تعتمد الأسلوب الإرهابي في التسويق قامت برشوة كثير من المسئولين والمفتشين، وهذه كذبة أخرى انطلقت قبل أشهر بسيطة تهدف إلى طمأنة المتخاذلين والمرتشين من مديري التدريب بأن المؤسسات المشرفة على التدريب لن تكشف أساليب التلاعب المتعارف عليها. وهنا نضيف أن المسئولين مثل أصحاب الأعمال منهم المرتشون والمتلاعبون ومنهم الشريف وصاحب الذمة وهم السواد الأعظم في قطاع التدريب بالمملكة.

يعتمد الأسلوب الإرهابي في تسويق الخدمات التدريبية على مبدأ الترهيب أحيانا والترغيب أحيانا أخرى وإليكم بعض الأمثلة الإضافية:

قامت إحدى المؤسسات التدريبية بعقد اتفاقية 60:40 أي أن يقوم المعهد التدريبي بالحصول على 40 في المئة فقط من قيمة التدريب وترد الـ60 في المئة الباقية لأصحاب العمل أو مديري التدريب وهذا أسلوب ترغيب.

وقامت مؤسسة تدريبية أخرى بتهديد موظفي قسم التدريب التابع لأحدى الشركات بأنه إذا لم يتم إرساء التدريب على المعهد سيقوم صاحب المعهد بالشكوى على الموظفين لدى قريبه (من الدرجة الأولى) وهو المسئول عن الشئون المالية والإدارية بالشركة ذاتها.

وعند هذا الحد يجب أن نتوقف ونقترح على المسئولين معالجة الوضع.

سأبقى أعيد بعض المقترحات وأضيف إليها بغية المشاركة في حلحلة الأمور.

يجب أولا الإسراع في توحيد إجراءات تصديق البرامج بين المجالس النوعية بعضها بعضا وبين إدارة الترخيص بوزارة العمل، إذ إن اختلاف إجراءات ترخيص البرامج فتحت ثغرات كثيرة ساعدت على ولادة الكثير من أساليب التلاعب في التدريب بالوزارة فمثلا: يعلم المتلاعبون بأن بعض المجالس النوعية لا تقوم بالتفتيش على انعقاد التدريب فتلجأ هذه المعاهد إلى عقد البرامج التدريبية بعدد ساعات أقل وفي غرف لا تصلح للتدريب داخل المؤسسات أو خارجها.

وهناك أسباب كثيرة يعلمها المسئولون بوزارة العمل تدعوا إلى سرعة إنقاذ المجالس النوعية عن طريق مراجعة أهدافها ثم توحيد إجراءاتها وهناك سؤال غير تقليدي يستحق بحثه: هل البحرين تحتاج إلى هذا العدد من المجالس النوعية، وأجدد دعوتي هنا لوزارة العمل ممثلة في إدارة شئون معاهد التدريب أن تقوم بتطوير «ميثاق شرف» توقع عليه جميع المعاهد المسجلة تحت مظلة الوزارة يضمن في جانب منه التضييق على المتلاعبين. وأظن أن إجراءات التعويض عن الدورات التدريبية تحتاج أيضا إلى تنظيم أدق وأقترح في هذا الجانب أن لا يتم تعويض أية شركة قبل التأكد من عملية دفع رسوم التدريب للمعهد/ الجامعة، وفي هذا الصدد اقترح بأن يعتمد التحويل المصرفي من حساب المؤسسة إلى معهد التدريب ليؤكد عملية الدفع الحقيقية. وهذا سيساعد على انتقاء محفز يعتمده المتلاعبون مع الشركات وهو عدم الحاجة لدفع أي مبالغ وفي جانب آخر متصل بالموضوع، أقترح أن تطلب وزارة العمل من القائمين على التدريب في المؤسسات المشتركة بنظام التدريب أن يكشفوا عن صلة قرابتهم مع أصحاب معاهد التدريب، وهذا يكون إجراء احترازيا يساهم في خفض عمليات التلاعب.

وفي محطتي الأخيرة، أدعو المسئولين بوزارة العمل إلى استصدار فتوى دينية تؤكد حرمة هذه الأساليب، وما دفعني إلى هذه الفكرة بأنني لاحظت أن معظم المتلاعبين في مجال التدريب هم من الملتزمين دينيا وقد تسهم هذه الفتوى الدينية إلى تنبيه المتلاعبين بحرمة هذه الممارسات التي قد تكون غائبة عنهم وأنا أعلم بأنهم ظاهريا، مؤمنين ويعقدون جلسات الذكر باستمرار، وأنا أعتقد أن مثل هذه الفتوى الدينية قد تنبئهم إلى حرمة الأعمال التي يقومون بها.

وأخيرا يجب أن نتعاون جميعا من أجل أبنائنا والأجيال المقبلة، لقد تعلمنا في جامعات معتمدة ودرسنا في معاهد قوية وهذا ما أسسه أباؤنا، فماذا نحن تاركون لأبنائنا، جامعات ضعيفة ومعاهد مهترئة، ثم نقدم اللوم لأبنائنا بعدم الجدية والالتزام في دراستهم، فمن أين تأتي الجدية والحزم في خضم هذا الكم الهائل من الفساد في التعليم والتدريب.

إقرأ أيضا لـ "عبدعلي محمد حسن "

العدد 2168 - الثلثاء 12 أغسطس 2008م الموافق 09 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً