العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ

أنوثة السياسة

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الأمور التي يُمكن التنذّر بها في شخصية تسيبي ليفني الرئيس الجديد لحزب كاديما الصهيوني أنها شخصية نباتية. فهي تكره أكل اللحوم؛ لأنها ضد ذبح الحيوانات الأليفة! وهي تدفع بهذا الاتجاه ما أمكن وتحضّ عليه.

لا أدري... فلربما تختلف صرعات الضمير الإنساني طبقا للظروف السياسية. فضمير ليفني قد لا يتحرك تجاه تاريخها الشخصي والأسري حين كان والدها قائدا للذراع العسكري في منظمة الإيتسل الصهيونية التي نفّذت عمليات إبادة بحقّ الفلسطينيين قبل النكبة، ووالدتها كانت تقود إحدى مناشط عصابة الأرغون الإرهابية التي تثمّلت بالدم الفلسطيني.

ليفني نفسها عاشت أربع سنوات في ردهات الموساد. كانت خلالها جاسوسة تُنفّذ عمليات حسّاسة في بعض العواصم الأوربية انطلاقا من العاصمة الفرنسية (باريس). وهي وإن بدت ميّالة إلى الانفلات والتحرر والرقص بلا قيود فوق الطاولة والولع بالقطط والترحال إلى الجبال والغابات (هكذا تقول الصحافية الصهيونية عنات طال شير) إلاّ أنها تُصبح آثمة الضمير عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين.

ليفيني عندما سُئِلَت بعد فوزها في انتخابات الأربعاء هل أنتِ غولدا مائير الثانية؟ فردّت لا.. إنني تسيبي ليفني الأولى. وربما أصابت في ردّها لاعتبارات شخصية وسياسية. فهي المرأة العاشرة التي تصل إلى منصب وزاري في الكيان الصهيوني منذ تأسيسه.

كما أنها واحدة من مُؤسسي حزب كاديما (تعني بالعربية قُدُما إلى الأمام) الوارث لأهم ثقل سياسي علماني متهالك صهيوني والزعيم الثالث له منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2005. وهي تتسنّم هذا المنصب دون أن تتحمّل وزرا سياسيا شخصيا كالذي تكبّدته غولدا مائير جرّاء حرب أكتوبر، بل إنها جاءت كبديل جيد عن رئيس وزراء فاسد وفاشل في حرب وجود خاضها ضد حزب الله.

في الفوارق المباشرة تتمتّع تسيبي ليفني بوجه حَسَن وملامح إشكنازية فاقعة، ورياضية قائدة لفريق كرة السلّة في شبابها، بعكس جولدا مائير التي كانت تفتقد إلى كل ذلك ما عدا ملامح عجوز شمطاء. لذا فقد أصرّت ليفني على إبعاد نفسها عن أي تجسيم سياسي يُماثلها حتى ولو كان مع غولدا مائير.

تسيبي ليفني تجيد الخطابة جيدا باعتبارها محامية مُجازة أمام المحاكم الصهيونية لمدة عشر سنوات. وهي إلى جانب قدرتها على التحدث بدبلوماسية، تجيد أيضا لغة الإهانات والتجريح والبصق على الوجوه. وفي غير مرة كانت تنعت بعض منتسبي الخارجية الصهيونية بأنهم سخيفي التفكير.

ليفني اليوم تتقدم كونها أول أنثى تُمسك بالحكومة في تل أبيب. وثاني امرأة تصل إلى هذا المنصب بعد غولدا مابوفيتز (أو مائير بعد ترجمة اسم زوجها مايرسون إلى العبرية حينما ترمّلت).

لكنها (أي ليفني) تُدرك جيدا أن سلفها أولمرت لم يستطع أن يُحافظ على «إسرائيل» الكبرى حتى في الألواح الأسطورية الحالمة، فهل ستكون ليفيني قادرة على حماية «إسرائيل» الصغرى وهي تُكابد همّها؟.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً