وسائل الإعلام العالمية لا تترك شاردة أو واردة إلا وتستغلها بالصورة التي تخدم أغراضها، وبما أن تداعيات أزمة دارفور في أوجها هذه الأيام وخصوصا عقب مذكرة أوكامبو ضد الرئيس السوداني عمر البشير، فهي لم تكن غائبة طبعا عن أولمبياد بكين التي يتهمها الغرب بدعم الخرطوم.
الغريب في الأمر أن وسائل الإعلام المدفوعة بروح الإثارة ومحاولة الصيد في الماء العكر لم تستطع التمييز بين اللاجئين السودانيين من أبناء جنوب السودان وولايات دارفور، ووقعت وكالة أنباء عالمية في الشرك عندما ذكرت تحت عنوان «شاب من ضحايا العنف في دارفور سيحمل العلم الأميركي في افتتاح الألعاب الأولمبية»، والصحيح أن ذلك الشاب الذي يحمل الجنسية الأميركية حاليا هو من جنوب السودان وليس دارفور.
اختيار الولايات المتحدة اللاجئ السوداني لوبيز لومونغ (23 عاما) الذي منحته الجنسية العام الماضي ليرفع علمها في بكين لم يكن اعتباطيا بل جاء ردا على موقف الصين بإلغاء تأشيرة دخول لاعب الفريق الأميركي للتزلج السريع جوي شيك الفائز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية العام 2006 والذي وجه من قبل انتقادات للحكومة السودانية على خلفية الصراع الدائر في دارفور.
لو وجدت واشنطن رياضيا من أبناء دارفور اللاجئين لديها لاختارته بلا شك لهذه المهمة ولكنها لم تجد سوى أن تختار هذا العداء من مواليد الأقاليم الجنوبية في السودان والذي غادر إلى كينيا قبل أن تحدث أزمة دارفور من الأساس.
المغالطات كثيرة التي وردت في خبر تلك الوكالة فقد ذكرت أن لومونغ «خطف من عائلته بيد الجنجويد واحتجز رهينة قبل أن يهرب مع فتية آخرين وينجح في عبور الحدود إلى كينيا». وزادت «وقد نقل إلى مخيم للاجئين وعمل أعواما ليؤمّن عيشه ودفع خمسة شلنات كينية ليتمكن من متابعة الألعاب الأولمبية في سيدني في العام 2000». وهذا يعني أن المذكور موجود في كينيا منذ قبل العام 2000 على حين أن أزمة دارفور بدأت العام 2003.
ومن المعروف أن جنوب السودان مثل كينيا وإثيوبيا هو منبع لعداءين أحرزوا الكثير من الميداليات الذهبية في الكثير من البطولات العالمية على حين لا نعرف نحن في السودان اشتهار أهل دارفور بهذه الميزة.
أخيرا أدعو وكالة الأنباء المعنية أن تتحرى الدقة في نقل معلوماتها وتكف هي والأخريات عن الزج باسم دارفور في كل شيء من دون وجه حق.
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 2167 - الإثنين 11 أغسطس 2008م الموافق 08 شعبان 1429هـ