العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ

الأجانب ومشكلة اللغة العربية والانتماء

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كنت على موعد لزيارة طبيب، وعرفت أنه من أصول هندية وبعد جلوسي معه، ذكر لي وبلهجة بحرينية سليمة، أنه كان مع أخي في أيام الدراسة (لم أستغرب لأن أخي طبيب أيضا)... ولكنني فوجئت حينما قال لي إنه كان معه في المدرسة الابتدائية في المنامة!

دفعتني تلك المعلومة إلى أن أفكر في الكيفية التي كان يستوطن فيها المتجنسون في الماضي، وكيف يحاولون الانخراط في المجتمع ووضع أطفالهم في مدارسنا... ليصبحوا بعدها جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع ويشعروا بمعاناته وقضاياه، ثم يساهموا بعدها في الرفع من كفاءاتهم... بتعلم أبنائهم تعليما عاليا ومن ثم العودة للخدمة فيها... والصب في بوتقة النفع العام، ومن دون تمييز... كما يبدو أنه قد تعب على ثقافته العربية وكان قارئا نهما وعارفا بالكثير من المعلومات العامة وبكل الصحف الصادرة بما فيها مقالاتي في «الوسط» التي أعرف أن الكثيرين من الجيل الجديد لا يعرفون شيئا عن الصحف وما تكتبه أو لضحالة ثقافتهم عموما...

هو هذا الاستثمار الجيد في البشر واستقطاب مثل هذه النوعية التي تغني المجتمع بعلمها وثقافتها قد يكون سببا لدراسته في الحكومة لعدم وجود المدارس الأجنبية! حينها «ومكرها أخاك لا بطل».

إن ما يحدث، هذه الأيام من كثرة تلك المدارس بحيث تم الفصل فصلا تاما بين البحريني الأصلي والمتجنسين الأجانب في مدارس الجاليات الذين قد يقيمون دهرا في البلاد ومع ذلك لا يعرفون أية كلمة عربية وهم في داخل أسوار تلك المدارس، (يتغذون كاملا على حضارتهم ولغتهم ومشكلاتهم فقط) وخصوصا أن وزارة التربية والتعليم لا تلزمهم حتى بالدروس العربية أو ببعض دروس التاريخ كي يتعرفوا على الأقل على أمجاد هذه الحضارة المميزة ودورها في تأسيس الحضارة العالمية اليوم من علوم الفيزياء والكيمياء والحساب والفلك...الخ ونبقى أغرابا في خيال هؤلاء الأطفال الذين لا يفهمون عن البلاد التي يسترزقون منها شيئا! ومن ثم يحصلون على الجنسية وهم أغراب، ومن دون أي انتماء أو حتى معرفة أو لغة ذاك التاريخ العظيم!

وليس الذنب منهم وإنما التقصير منا في عدم توجيههم الوجهة الصحيحة، أو أخذ القرارات والقوانين المناسبة لحمايتهم في بلادنا! وحمايتنا من الغرباء قد يكون وجود عدد محدود من هذه المدارس الأجنبية جيدا للجاليات التي ستقضي فترة زمنية محدودة، كي يتواصل الأبناء مع لغتهم وعلومهم عند عودتهم... ولكن وجودها بهذا الزخم الكبير فيه الكثير من الخلخلة للتركيبة السكانية والمجتمعية!

والأخطر من ذلك هو حينما ينخرط أطفالنا في تلك المدارس وابتعاد الطفل عن مجتمعه وحضارته بالتشرب في حضارة الأخر ونقله إلى الغربة الثقافية، وبعده عن أطفال مجتمعه؟!

أي جيل نحن نطمح في أن نراه بيننا مستقبلا؟! وهو متعلق بخيوط وعقائد وربما أديان أخرى ولا يعرف أهل وحضارة بلاده؟!

وضعفه الواضح في لغته... هو لعنة التواجد الأجنبي وتلك المدارس؟! التي ترك لها المجال كي تمرح وتسرح كما تشاء؟!

ولقد ذكرت لي إحدى المدرسات أنها حاولت أن تترجم بعضا من الكتب العربية لتعرف الطلاب على المجد العربي ولكنها فوجئت برفض الإدارة لذلك (ممنوع التعريف)؟!

نحن أمام مشكلة تعليمية، حضارية ثقافية معقدة وخطيرة لعلنا نصحح قليلا عن أوضاعنا!؟ ونزيد من دعم الرقابة ونفرض المناهج الحكومية الخاصة باللغة والتعريف التاريخي على هذه المدارس، وخصوصا الأبناء العرب وأن يكونوا حاصلين على ما يعادل التوجيهي الحكومي من مدارسنا (العربية) كي يقبلوا في الجامعات هنا (بأداء الامتحان الخاص بهم)، كما يحدث في مصر، وأن تكون اللغة العربية هي مفتاح التجنيس، وأن يطلب ممن تجنسوا قبلا تعلم اللغة... وأن يعطوا مهلة محدودة قد تكون (خمس سنوات مثلا).

فإن لم ينجحوا في امتحان اللغة، فقد تسقط عنهم الجنسية كما يحدث في الغرب حاليا! وأن لا نجنس حديثا إلا بعد أن يجتازوا «الامتحان» ولا يمكن لبحريني أن يكون! وهو لا يعرف لغة الضاد أو أن يقول أنا «بهريني»... حرام والله ذلك!

أنقذوا مجتمعنا من الشتات، والتضارب، لأن تعرف هذه الأجيال كيفية حماية ديارها؟!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً