على غير العادة... أنشر هذه الرسالة كاملة، لأنها تعبر عن أصحابها خير تمثيل، وقد كُتبت بلغةٍ عربيةٍ سليمة، ولم أتدخّل بغير قليلٍ من الاختصار مراعاة لحجم العمود.
«إننا كمرضين وممرضات نرفع شعار (خدمة المريض شرف لنا)، ولكننا نواجه ظروف عمل صعبة وشاقة، لك أن تعلم بأن الغالبية العظمى من القوى العاملة في هذا القطاع هم من الإناث، ونحن نعمل بنظام النوبات، وكون أغلبنا أمهات لا يعفينا من العمل بنظام النوبات. نعمل طوال أيام السنة وفي كل المناسبات كالأعياد والمناسبات الدينية، أو أي اجازة رسمية طارئة لا نتأخر عن أوقات العمل. لك أن تتخيلنا كأمهات، نترك المنزل في الساعة الثانية ظهرا، وهو موعد عودة الأطفال من مدارسهم ونتركهم حتى الثانية عشر ليلا، والله وحده أعلم ماذا يحدث في هذه الفترة مع واجباتهم المدرسية أو الامتحانات، وهل تناولوا وجباتهم أم لا. وفي الشتاء نقود سياراتنا في جو كثير الضباب قليل الإضاءة، وخصوصا نوبة آخر الليل. كما نخرج من بيوتنا قبل الساعة السادسة في جو ممطر أحيانا لنصل لمقر عملنا عند الساعة السادسة والنصف تماما. حتى دوام شهر رمضان لا نشعر بطعمه، فكل الوزارات والمدارس والهيئات تبدأ عملها الساعة الثامنة، بينما نبدأ الساعة السادسة والنصف وننتهي الثالثة ظهرا دون تغيير أبدا!
نحن لا نقوم بأخذ ساعات الرضاعة كما هو مقرر للأمهات المرضعات، بل يتم تجميعها وأخذها في وقت لاحق لا نعلم متى سيكون، وطبعا على حسب قدرة مشرفة القسم (الجناح) على إعطائنا إيّاها كأيام إجازة متقطعة أو إجازة لمدة شهر مثلا، إن سمح وضع العمل بذلك. ومما يزيد أعباءنا عدم توفر مساعدي الممرضين في أغلب الأوقات، وعلينا أن نقوم بأعمالهم مثل توزيع الوجبات على المرضى وتجهيز أسرّتهم وإزالة وتغيير بياضات الأسرة المتسخة وإحضار الأدوية من الصيدلية... حتى ترتيب أغراض المريض وأدواته صار من صميم أعمالنا! زد على ذلك أخذ مواعيد للمرضى لدى الأطباء بواسطة الحاسوب والذي هو من صميم عمل كاتب الجناح، صار من مهماتنا. وهي أمور قد تراها سهلة جدا، إلاّ أنها مجرد أمثلة لما يضاف من أعباء على أعباء وظيفتنا الأساسية، وهي الرعاية والاهتمام بالمرضى. وأحيانا نقوم بوظائف الطبيب لإنقاذ حياة المرضى حيث نسعف حالات المرضى الحرجة عند توقف القلب والرئتين عن العمل، والذي هو من مهام فريق الإنعاش أساسا. ونقوم بوظائف غيرنا أحيانا طلبا لراحة المريض ولئلا يشعر بالتقصير أو يتأخر خروجه من المستشفى.
إننا في معظم الأوقات محرومون من لقاء أهلنا في العطلات الأسبوعية، وصرنا لا نفرّق بين يوم الجمعة وأيام الأسبوع الأخرى، حتى المناسبات العائلية كعقد القران أو الزواج تفوتنا أحيانا بسبب ظروف العمل، أفلا نستحق نحن كمواطنين نقوم بكل ذلك بشيء من الاحترام والاهتمام؟ إننا لم نطلب الإعفاء من العمل بنظام النوبات كما في الدول الخليجية الأخرى، ونحن لم نرفض ساعات العمل المطولة ولم نشكو ضغط العمل، كل ما نريده النظر إلينا بعين الاعتبار والانصاف كمواطنين من أصحاب هذه الأرض الطيبة، وألا نعامل كما يعامل الأجانب في هذا الحقل، فهؤلاء عقودهم مؤقتة جاءوا ليغترفوا من خيرات هذا البلد ويرحلوا... أما نحن فباقون لعمارة هذا الوطن. إننا باختصار نطالب أن نعامل بإنسانية وتقدير».
الرسالة وصلت... على لسان أصحابها.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2164 - الجمعة 08 أغسطس 2008م الموافق 05 شعبان 1429هـ