العدد 2164 - الجمعة 08 أغسطس 2008م الموافق 05 شعبان 1429هـ

الدراما العربية والنقلات التي غيرت ملامحها

خمس عشرة سنة ماضية نقلت الدراما العربية بين مراحل كثيرة، فظهرت خلالها أعمال أحدثت طفرات في الإبداع الفني المعروض على الشاشات العربية، وفرضت قواعد جديدة للإنتاج، رفعت من المستوى المطلوب من العمل التلفزيوني العربي.

ولعل الكثيرين منا مازالوا يذكرون أعمال قدمت في نهاية القرن الماضي ولاقت شهرة واسعة في وقتها، كما أن البعض منها مازال يعاد بين الحين والآخر على مجموعة من الشاشات العربية. من أبرز أسماء الأعمال التي حققت أرقام مشاهدة كبيرة بين المشاهدين العرب في حينها، مسلسل «بين القصرين»، و»ليالي الحلمية» المصريين، بالإضافة لمسلسل «رأفت الهجان» المستوحى من قصة حقيقية لعميل في المخابرات المصرية يتجسس لحساب بلادة في «إسرائيل». في مرحلة لحقت عرض هذه الأعمال ظهرت أعمال مميزة منتجة في سورية، فمسلسل مثل «هجرة القلوب إلى القلوب» ومسلسل «نهاية رجل شجاع»، و «أخوة التراب» المخرجين من قبل المخرج السوري نجدت أنزور، لقيا نجاحا واسعا، وأحدثا نقلة نوعية على مستوى الإنتاج الدرامي السوري، ولا شك أن للكثير من الأعمال التي تفوقت في تلك المراحل دور كبير في نمط وتقدم الإنتاج التلفزيوني العربي في الوقت الحاضر.

من بين الأمور التي آزرت الإبداع الدرامي العربي وساندته ليصل إلى ما وصل إليه، أن الفضائيات لعبت دورا كبيرا خصوصا في الوقت الذي بدأت تتجه فيه كل المحطات لتبث على مدار اليوم من دون انقطاع، ما جعلها تحتاج لعدد كبير من البرامج والأعمال لتغطي هذا الوقت. هذه الحاجة لدى المحطات نبهت ممولي إنتاج الأعمال التلفزيونية إلى ضرورة زيادة الموازنات التي كانت ترصد للأعمال، فالمشاهد لم يعد مجبرا على المشاهدة، الخيارات مفتوحة أمامه وأمام رغباته. كما أن عددا كبيرا من المخرجين الذين درسوا الإخراج التلفزيوني والسينمائي في أميركا وبعض دول أوروبا أو في روسيا عادوا لأوطانهم مع بداية ظهور أمل بأن تتاح لهم الفرصة لعرض أعمالهم من دون أن يطال مقص الرقيب العمل بأكمله، وإن كان لا يخلو الأمر في كل المراحل من تدخلات رقابية تحجب بعض الجوانب من العمل أو تغيرها أو أنها تنسف أعمالا بأكملها.

كل هذه العوامل وغيرها فرضت على كامل فريق عمل، أي عمل، أن يتبنى المعايير الجديدة للإنتاج وأن تبدأ منافسة حقيقية على مستوى النص المحكم والإخراج المتمكن، وأداء الممثلين المندمج مع الدور.

وتأتي أهمية بعض الأعمال لأنها وضعت حدا فاصلا ما بين مرحلة ما سبقها من أعمال وما لحقها، فمسلسل «الجوارح» للمخرج نجدت أنزور على سبيل المثال، على رغم أن نمطه لاقى انتقادات فيما بعد، فإنه في وقتها اعتبر كفنتازيا درامية نموذجا جديدا على شاشات الفضائيات العربية، فلاقى نجاحا مبهرا لأنه عرض نمطا لم يكن متعارفا عليه بشكل كبير ضمن برامج التلفزيونات والمسلسلات العربية. بالتالي يرى الكثيرون أن عرض هذا المسلسل في ذاك التوقيت أوجد تغييرا في الحدود التي يحق للمخرجين ولكتاب السيناريو العمل ضمنها عند التعامل مع المشاهد العربي العادي، حتى وإن كان ما لحقه من أجزاء للمسلسل نفسه «الكواسر» و «البواسل» لم تلق ذات الشعبية التي جاءت مع الجزء الأول من العمل.

عموما لا يمكن قول إن هذه النقلات النوعية في دراما التلفزيونات العربية سببها يعود للمخرجين وكتاب سيناريو، الممثلين العرب بشكل رئيسي، فدائما وأبدا يوجد مبدعون من مختلف التخصصات قادرين على إنتاج أعمال مميزة، إلا أن ظروفا كثيرة منعتهم من عرض أعمالهم سواء أكانت مسلسلات أو أفلاما، لضعف التمويل للأعمال الجادة التي تتبنى مواقف قد تجد من يناقضها ويعاديها من جانب السلطة. كما أن فرصها على الشاشات العربية كانت محدودة إلى أن جاء القنوات الفضائية فغيرت الكثير من المعادلات فيما يعرض على الشاشات للمواطن العربي.

العدد 2164 - الجمعة 08 أغسطس 2008م الموافق 05 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً