فيما كنا عائدين على متن تلك الطائرة المغادرة من مطار الملكة علياء بالأردن متوجهة إلى البحرين، انفردت جميع شاشات العرض على الطائرة بتقديم فيلم واحد اشترك الجميع في متابعته رغما عنهم ورغما عن كونه أحد أسخف ما رأيته من إنتاج سينمائي حتى اللحظة، إذ كان من بطولة أحد نجوم الغناء المصري الحديثين، إلا أن نجوميته في الغناء لم تشفع له في إنجاح هذا العمل الذي جد ما يوصف بأنه تافه، واستعراض أنيق لشخص المغني وسياراته وملابسه وعلاقاته الغرامية.
هذه الظاهرة - إن صح تسميتها بذلك - ليست وليدة الفترة القريبة الماضية، إذ اشتهرت في أيام سينما الأبيض والأسود أعمال لنجوم الغناء في حينها كعبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، وصباح وغيرهم، تلتها فترة أخرى اشتعل فيها نجم مغنيين آخرين مثل عمرو دياب، الذي قدم للسينما بعض الأفلام التي لم تعد تذكر، إلا أنهم حصدوا نجاحا وشهرة في حينها؛ نظرا إلى مشاركة النجم المتألق فيها، والإقبال الجماهيري على كل ما يرتبط بمسمى عمرو دياب حتى من قمصان وملصقات، فماذا لو كان ذلك عملا سينمائيا يجعل المشاهدين أكثر قربا من فنانهم المحبوب؟
تلك الحمى المرضية، التي أخذت تتفشى في أوساط المغنيين؛ طمعا في إيرادات السينما العالية؛ أو الشهرة والوصول بطريقة جديدة للمعجبين؛ أو هي نقطة تضاف إلى رصيد الإنجازات في السيرة الذاتية لكل منهم، إلى جانب جشع المنتجين في الاستفادة المتبادلة من شهرة المغنيين جعلتهم يزجون بتلك الوجوه التي لا تعي من أساليب التمثيل شيئا، إذ إن معظمهم ليسوا إلا حفظة للنصوص -وذلك حتما بشكل مشاهد متفرقة - إلى جانب كونهم وجوها حسنة وجماهيرية، لتساوي عملا فضفاضا يجذب الملايين، ولا يغذي في عقولهم إلا الهواء.
إن أعجب ما عرفته بعد وصولي وبعد الاطلاع على أخبار المغني الشاب عزمه تقديم جزء ثانٍ من فيلمه، كأنما هو يسعى لينافس ثلاثية «العرّاب» بفيلمه، فـ «عمرنا ما سلمنا» إن صار جيلنا يتغذى فكريا من هذه الأفلام.
العدد 2162 - الأربعاء 06 أغسطس 2008م الموافق 03 شعبان 1429هـ