شهدنا جميعا الضجّة والأثر الكبيرين اللذين شغل بهما مسلسل «نور ومهنّد» التركيّ العالم العربيّ. تأثر الناس بأبطال المسلسلات طبيعي، ولذلك فاختيار «القدوة» وغرس انطباعٍ ما مسئولية خطيرة للإعلام. العرب الذين عاشوا طويلا قطيعة مع ثقافات شرقية محيطة انفتحوا على البوابة الخاطئة من المجتمع التركي العظيم بتاريخه وإرثه، فقد عكس مسلسل «نور» ثقافة غربية موبوءة تمّت للشرق بالفتات. في المقابل عكس المسلسل الكوري «جوهرة القصر» عالما شرقيا آخر يعبّر عن الاعتزاز بالأصالة والانتماء والتقاليد. ذلك المسلسل الذي أخرجه لي بيونغ هون وأنتجته شركة MBC الكورية جذب المشاهدين، وحقق منذ بداية عرضه لأول مرة في 2003 إلى اليوم العديد من الأرقام القياسية في معظم دول شرق آسيا.
ذلك المسلسل ملحمة تروي قصة امرأة حقيقية كانت أول من سُمح لها بأن تكون «طبيبة ملكية» في التاريخ، وأول من استخدمت الجراحة للعلاج في تاريخ الشرق الأقصى. كذلك يعكس كفاح المرأة للوصول إلى «التمكين» والاعتراف بقدراتها، مضافا للإبداع الكوري في إعداد الطعام التقليدي وعالم الأدوية والعلاجات.
«جوهرة القصر» بما أظهره من ثراء في الديكور والإكسسوارات والملابس بالإضافة إلى الطبيعة الخلابة والآثار والقصور القديمة جذب انتباه العالم وعرّفهم أكثر بكوريا المكان والتاريخ والحضارة، وهو ما لم يفعله مسلسل «نور». وعليه نأمل أن تكون زيارة جلالة الملك لتركيا بادرة لتصحيح العدسة التي ننظر بها إلى النتاج السينمائي التركي، بل وكلّ تركيا، لنبصر حقيقة الإبداع التركي الأصيل، بعيدا عن التزييف والتغريب، أسوة بجونغوما العظيمة.
العدد 2161 - الثلثاء 05 أغسطس 2008م الموافق 02 شعبان 1429هـ