مقهى راق في إحدى المجمعات الراقية في البحرين يجادل إحدى زبائنه عن موضوع التدخين، حيث قامت زبونة من الزبائن بمناداة النادلة والتحدث معها عن فتاتين كانتا تدخّنان السجائر في زاوية المقهى، فقالت لها النادلة إن سياسة المقهى ترفض إخراج الفتاتين إلى الخارج، وعقّبت بأنه لو كانت الزبونة متضايقة إلى هذا الحد فإن باستطاعتها الأكل في الخارج والأكل في الهواء الطلق الحار جدا!
إن هذه النادلة وهذا المقهى قد تجاوزا الحدود والقوانين التي وضعتها الدولة لمكافحة التدخين، فأصبحت مكافحة التدخين عند هذا المقهى بالمقلوب، بمعنى غير المدخن يخرج ويأكل في الحر، والمدخنّ يجلس وينهي سجارته وأكله في الهواء المنعش داخل المقهى.
ولا نعتقد بأن قانون التدخين يطبق في البحرين بطريقة صحيحة، سواء من قبل الأفراد أو من قبل الوزارة المعنية بهذا القانون؛ فالكل يدخّن في الأماكن العامة ومن دون ذوق، وقلة من تجدهم (أصحاب الذوق) والأتيتكيت الذين لا يدخنون في الأماكن العامة، وما كلام النادلة إلا انعكاس لما هو واقع معاش!
فإذا ذهبنا إلى الكثير من المطاعم والمقاهي، فإننا سنجد أنه مازالت إلى الآن أماكن خاصة بالمدخنين وأماكن خاصة لغير المدخنّين تحت سقف واحد، وليس كما فرضته الدولة منذ العام 1994 في مرسومها بقانون رقم (10) بشأن مكافحة التدخين، والذي نص فيه على12مادة في هذا الشأن، وعلى رأسها مادة (2) التي تنص على حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة وفي المنشآت الصناعية، وإلزام المسئولين عن هذه الأماكن باتخاذ الإجراءات الكفيلة لتحقيق ذلك. ومراعاة تخصيص حيّز للمدخنين بما لا يؤثر على الهواء في الأماكن الأخرى. وأعقبه بقرار في 31 مايو/ أيار 2007 بمنع التدخين في الأماكن العامة، وشنّت الحملات وصُرفت الأموال الطائلة في سبيل تحقيق هذا القرار، ولكن من دون جدوى.
إذ انك ما أن تستخدم السلالم في إحدى المجمعات حتى تظن بأنك في مقهى سجائر وليس على السلالم من كثافة وقوة رائحة الدخان المنتشرة فيه، وأيضا ما أن تزعجك رائحة الدخان في أي مقهى حتى تجد انقضاض الموظفين بقوة عليك، وإن حاججتهم بالقانون وبالقرار الموضوع من قبل الحكومة، يكون ردهم لاذع بقول متعارف عليه عندنا ألا وهو: هذه سياسة المحل، ولكأن هناك قانونَان ومشرّعَان في دولتنا! قانون للحكومة، وقانون لأصحاب المحلات!
إن الغرض من انبثاق هذا القانون أو هذا القرار هو سلامة المدخّن وسلامة الناس، ولكن جهل البعض بأسباب القوانين تجعلهم يقعون فريسة سهلة للمعارضة والتحدي، ولو أنّ كل منا قام بواجبه في تحقيق هذا القانون، فسنقفز قفزة قوية في تقليل حجم التلوث البيئي في البحرين الذي اكتسى سماءها.
وإننا لا نجبر المدخنّين على ترك التدخين، ولكن نجبر أصحاب المحلات بتطبيق القانون، وإلا لماذا هذا البذخ على الحملات التي تقوم بها وزارتا الصحة والداخلية لمكافحة التدخين؟
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2161 - الثلثاء 05 أغسطس 2008م الموافق 02 شعبان 1429هـ