كثيرا ما تتصدر هذه العبارة، وغيرها من العبارات الشبيهة المصاغة بأساليب وتراكيب مختلفة، بعض اللقاءات السياسية المحدودة، وكتابات المنتديات الإلكترونية ذات الأسماء المستعارة المخفية، في إشارة إلى اليأس من الحوار مع الحكومة...
لكنني أرى أن الحكومة، وإن سلمنا إلى ما يقوله البعض من أنها ليست أهلا للحوار، لكنها لن تكون ماضية في إغلاق الأبواب أمام الأصوات الوطنية الصادقة، وإذا سلمنا إلى أن كلمة الحكومة تشير صراحة إلى السلطة، فإن الملك قد قدم المبادرة الأخيرة وهي واضحة، لكنني اليوم، لن أعاتب الحكومة، بل سأعاتب علماء الدين الذين يجب عليهم أن يكونوا أكثر قوة وحرصا في تأكيد مبدأ الحوار، وإزالة المعوقات أيا كانت.
قد يصاب البعض بحال من الغضب أو الهستيريا حينما يستمع إلى وجهة نظر إنسان تجاه أحد العلماء أو المفكرين أو المثقفين أو الكتاب، سواء كان أولئك من المحترمين أم من غير المحترمين، وتصبح النار أشد أوارا حينما يدور حديث يتعلق بأحد الرموز الدينية، ويدخل الحوار في منعطف تقييم الأداء أو الدور الحقيقي، ويقع الصدام حينما تختلف وجهات النظر بشأن مدى وجدية وقوة الأداء، وهل كان أداء مقتصرا على زيارات الحج والعمرة، وصلاة الجمعة، وقراءة الأدعية، أم تجاوز كل ذلك إلى قول الحق، والسعي من أجل صلاح العباد والبلاد.
ولا شك في أن لقاء جلالة الملك مع المهتمين بالشأن الديني، يعد واحدا من اللقاءات المهمة والمبشرة والباعثة على الأمل، إلا أنني من الناس الذين لم يعد لديهم مساحة واسعة من التفاؤل في شأن آليات التنفيذ... ليس لأنني من المتشائمين التقليديين أبدا، وليس لأنني من الذين يضعون العصا في الدواليب، بل لأنني كثيرا ما وجدت التوجيهات السامية والمواقف التي تصدر عن القيادة في جانب، وأداء (الآخرين)... الذين تقع عليهم المسئولية العملية والتنفيذية في جانب آخر...
وبصيغة أخرى، يحدث في الغالب العكس، فحين تطالب القيادة بتيسير إجراءات المواطنين وتسهيل أمورهم ومعاملاتهم، فإن الذي يحدث في مختلف الأجهزة هو مزيد من التعقيد والتطفيش والتعذيب لخلق الله! وحين تدعو القيادة إلى نشر التسامح والمحبة ومواجهة الطائفية البغيضة، فإن الطائفية تنفخ صدرها وتستعرض عضلاتها وتظهر على الملأ بصورة أقبح من سابقتها... وحينما تدعو القيادة إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، والإسراع في تنفيذ المشروعات، فإن النتيجة هي: ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تعثر مشاريع الإسكان، الفصل التعسفي لمجموعات من المواطنين، نقص في الأدوية، ومشاكل أخرى لا حصر لها.
حسنا، والنتيجة؟
النتيجة أيها الأحبة، هو أن نعترف بأن سلبية المجتمع تتضاعف يوما بعد يوم، والمتصدون للشأن الديني والكثير من الناشطين، ليس لديهم إلا الخطاب اللساني، أما الفعل المترجم على أرض الواقع من خلال التواصل مع جلالة الملك بشكل مستمر، والتوجه إلى سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد للحديث وبصراحة مع القيادة في شئوننا وقضيانا... فهذا ليس موجودا...
أخاف أن أقول: «أسد عليّ وفي الحروب نعامة».
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2155 - الأربعاء 30 يوليو 2008م الموافق 26 رجب 1429هـ