العدد 2155 - الأربعاء 30 يوليو 2008م الموافق 26 رجب 1429هـ

كريم رضي يطلق النار على قاصي الأسرة

أطلق الكاتب والشاعر كريم رضي نيران ملاحظاته وانتقاداته على قاصي أسرة الأدباء والكتاب؛ خلال ندوة أقيمت له في مقر الأسرة، تناول فيها القصة القصيرة عبر منظار ستيفن كنج ونظرية صندوق الأدوات، إذ توجه كريم لتحديد عدد من الأدوات، ومطابقتها مع ما يتم تطبيقه في كتابات القاصين البحرينيين، موجها «قرصات» إلى مداخلة الآلية اللغوية الشعرية في كتابات القصص.

كريم رضي في بداية ورقته التي قدمها أكد أن «أهم ما دعاني لأن أكتب ما كتبت سائحا في متون حسين المحروس، حسن بوحسن، سعاد آل خليفة، أحمد المؤذن، مها المسجن، عزيز الموسوي، مهدي عبدالله، هو البحث عن الفتة الموجودة في القصة».

طرح كريم تساؤلا، فيما لو كانت القصة تشويقا أم في هذا الفن رسالة، إذ أجاب على التساؤل أن ثمة رسالة لكنها «ليست غاية القص بل نتيجة هذا الولع بالتشويق حيث ستولد الرسالة ولا ريب»، ومسترسلا يقول «ثمة شعر إذن في القص، لكنه ليس شعر المفردة، فببساطة متناهية يمكننا القول ان شعر القص هو انتقال الحدث من الاعتيادي إلى المفاجئ، والصادم أو المفتوح على نهاية غير متوقعة في الوقت الذي يفعل الشعر ذلك بالمفردة، إذ يخلق الشعر التوتر عبر اللغة الثانية وربما الثالثة حيث اللغة تتراكم طبقاتها فتزداد تعقيدا ثم تنفتح مباشرة على البسيط والمباشر الموارب بينما يفعل القص ذلك بالحدث».

وأضاف كريم أن «في القص تراكما عموديا، لا تمدد أفقيا؛ تراكم الزمن يفضي إلى ما هو غريب وحيوي لكنها غرابة رشيقة»، ليعرج من ذلك على الأنماط الحديثة بالقول «ما الذي سنجده في تجربة القص في فترة الألفية، ثمة تضحية كبيرة بهذه العمودية في القص لصالح الأفقية، ثمة تضحية مجانية بشعرية الحدث لصالح شعرية المفردة، نحن مع جيل القص في الألفية نجد قاصين مأخوذين بالشعر».

«لعل هذا مبرر عقائديا ربما»؟ كذا يتساءل، معقبا «ذلك أن جيل القصة الطليعي بدءا بالرائد الأهم في القصة القصيرة بحرينيا محمد عبدالملك فعبدالله خليفة فخلف أحمد خلف فسواهم من القاصين وبوصفهم كانوا مأخوذين بقول الواقع والتعبير عنه انصرفوا عن تحسين اللغة لكنهم أعطونا في تجارب عدة قصا رائعا بمعيار شعرية الحدث التي هي الزاد الأساسي للقص، أما الأن مع جيل الألفية وفي طور نزوعنا للتصحية بالبعد الاجتماعي يبدوا القص أفقيا إلى حد الشاعرية أحيانا حتى لا أقول إلى حد يصيب القارئ بالضجر، ثمة غياب للفتنة التي ركاز القصة».

وانتقل بعد ذلك كريم إلى التعريف بصندوق الأدوات، وهي نظرية ستيفن كينج التي أوردها في كتابه (On Writing)، التي استخلصها كينج من خلال المطابقة مع صندوق العدة التي يستخدمها النجار، والذي يحمله معه دون أن يكون محتاجا إلى كل ما فيه، إلا أن حمله يكون نوعا من الاحتياط.

ومن خلال النظرية، يذكر كينج أن على كل كاتب أن يكون لديه صندوق أدواته الخاص، إذ يشكل العنصر الأساسي في هذا الصندوق «المفردات»، وذلك ليس لاستخدامها بالضرورة، بل للإحساس بالأمان بوجودها «تماما كسلاح نووي، ذلك أن النجار قد يحمل معه صندوق الأدوات بكامله متجشما عناء السير وحمل الوزن بينما هو قد لا يحتاج لأكثر من مفك، والحجة المنطقية هنا هي أنك لا تعلم ما يصادفك أثناء العمل من مفاجآت قد تجعل من كل أداة ضرورية.

كريم علق أن «من المهم أن لا يسرف الكاتب في استخدام المفردات فقط، لأنه يشعر أنه يخجل من ألا يكون شاعريا أو ضليعا في المفردات، ذلك أن عليك ألا تنسى كقاص مرة بعد أخرى أن وظيفتك كقاص ليست التشويق باللغة بل بتطور الأحداث».

وانبرى في سرد عدد من الأمثلة في تجارب القاصين البحرينيين، آخذا من كتابات المؤذن والمسجن وبو حسن، معللا هذه الأمثلة من منظور كينج أنها «محاولة لإثبات وجود المخزون الكافي من الكلمات، مثل من يطلق طلقات قاتلة لكن ليس على هدف محدد فقط ليرينا قوته».

وعقب ذلك بعدد من الأمثلة الأخرى والنقاط التي يجب تحاشيها في الكتابة، إذ أكد بأن ما أنقذ الكاتبين مهدي عبدالله وحسين المحروس هو الحقيقية التي لا تتوه كثيرا في محسنات الشعر واللغة. كريم قال «ليست القصص ملقاة على قارعة الطريق، عليك أن تبحث عنها ستجدها ملقاعة على قارعة الطريق، فلقد قرأ ماركيز مثلا آلاف الصفحات ليكتب رواياته عن كولومبيا، وصراع الحب والموت والجريمة في حياتها، وذهب فريد رمضان إلى النعيم وكتب عنها وهو الذي لا يعرف النعيم كما يفترص أن نعرفها نحن»، مضيفا «ما نبحث عنه إذن هو التشويق، انتقال الحدث في الزمن هو عنصر موجود في الأحداث الحقيقية، فقط عليك أن تكون أنانيا في الكتابة، إذا ما رايت قصة أو سمعت قصة غريبة بعينيك وأذنيك دعك من التعاطف مع ضحاياها، كن قاسيا كما يجدر بكاتب قصة، أعتبر الناس مجرد مادة للكتابة، دع التعاطف للشعراء أما فوظيفتك أن تكتب، لن تأتي بالضرورة بالحدث نفسه، ستضيف له من بهاراتك شيئا».

العدد 2155 - الأربعاء 30 يوليو 2008م الموافق 26 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً