العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ

المدن الذكية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مع الطفرة العمرانية التي تجتاح منطقة الخليج والناجمة، أساسا، عن الارتفاع في أسعار النفط، وما رافقها من توسع ملموس في تشييد المزيد من «الأبراج» التجارية، جنبا إلى جنب مع المجمعات السكنية والمدن المتخصصة، مثل «مدينة الطاقة» في الدوحة و»المدينة الإعلامية» في دبي، ومدينة «الملك عبدالله الاقتصادية» في الرياض؛ ومع هذا التوسع العمراني بدأ يتردد في سوق الإنشاءات العربية تعبير «المدينة الذكية».

وتطور الأمر فبتنا نسمع عن مؤتمرات عربية، كذلك الذي سيرعاه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ويحمل اسم «مؤتمر المدن الذكية 2009 - تطبيقات لمكة المكرمة» ، وسيقام في 19-20 يناير/ كانون الثاني 2009 في مكة المكرمة.

وكانت هيئة الاستثمار في السعودية أفصحت في العام 2006 عن توجه جديد في ادخال التقنية في تطوير مدنها الاقتصادية عبر المدن الذكية في مؤتمر أقيم في نهاية العام 2006. وقد ركزت جلسات ذلك المؤتمر على البحث عن سبل تحويل المدن الاقتصادية الأربع، وهي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، ومدينة جازان الاقتصادية في جنوب السعودية، إلى مدن ذكية.

ويعود استخدام مصطلح المدينة الذكية إلى المؤتمر الأوروبي للمدينة الرقمية في العام 1994م، بعدها انتقل الأوروبيون إلى الواقع العملي فدشنوا مشروع المدينة الذكية الأوروبية في عدد من المدن، كانت طليعتها مدينة أمستردام كمدينة رقمية تلتها مدينة هلسنكي. أما في الولايات المتحدة فقد كان هناك الكثير من المحاولات في هذا الاتجاه تمخض إعلان بعض المدن كمدن رقمية إلا أن معظمها أخذ الطابع التجاري وليس الطابع المدني الشامل للمدينة.

وارتبط مفهوم «المدن الذكية» في أذهاننا بتقنية المعلومات وتطبيقاتها المتطورة التي تحول العلاقات بين سكان المدينة المعنية من آلياتها التقليدية إلى قنواتها الاتصالية، إن جاز لنا القول. بل إن البعض حصرها في توفير بنية تحتية لمدينة متطورة في جميع المجالات تتوافر فيها الخدمات إلكترونيّا بكفاءة عالية ويتحقق ذلك باستخدام تقنية الاتصالات اللاسلكية والسلكية وبتوفير الخدمات والمحتوى المناسب ونشر الأجهزة الطرفية القادرة على الوصول اللاسلكي لهذه البيئة.

لكن مفهوم «المدينة الذكية» هو أكثر شمولية من ذلك. إذ يقسم المدير العام لشركة التطبيقات الهندسية المتقدمة (أماكو)، محمد مصطفى عامر، في لقاء مع صحيفة «الشرق الأوسط اللندنية» المدن الذكية إلى ثلاث فئات، هي: «مدن ذكية لاستخدام تكنولوجيا حديثة في الاتصالات الداخلية والخارجية وتكنولوجيا المعلومات بخدمات مجمعة ومنفصلة وأجهزة تحكم يمكن خلالها التحكم في جميع مستلزمات هذه المدن. ومدن ذكية لاستخدام بدائل من الطاقة التي توفر في مصاريف التشغيل لأداء المهمات نفسها. وثالثة ذكية تعتمد على مصادر متنوعة من حيث أماكن وجودها ونوعها وتكون بها في الوقت نفسه محطة مركزية لتوليد الخدمات بأنواعها وتوزيعها».

وشأنها شأن المدن التقليدية الأخرى، تؤدي «المدينة الذكية» لسكانها والمحيط الذي يتعاملون معه مجموعة من الوظائف الرئيسية، يحددها متخصص في التخطيط العمراني فهد بن عبدالرحمن الصالح في النقاط الآتية: «التزويد بالمعلومات الثابتة، والخدمات المباشرة: كتعبئة الطلبات وتحميل نماذج الطلبات والملفات، المعلومات الفورية: كالتنبؤات الجوية، ومعلومات الازدحام المروري، وتبادل المعلومات الاجتماعية كغرف الدردشة بأنواعها، ومجموعات الحوار، الارتباط بالعالم الخارجي، من خلال تبادل المعلومات مع المدن الأخرى في داخل الدولة وخارجها».

وكما تحتاج المدن التقليدية إلى المتطلبات الأساسية التي تضمن لها قدرتها على أداء وظائفها، كذلك الأمر بالنسبة إلى المدن الذكية، فهي الأخرى بحاجة إلى مقومات أساسية تساعدها على أداء الوظائف المميزة التي تقوم بها وفي مقدمة تلك الاحتياجات توافر شبكة اتصال رئيسية (Metropolitan Network) قادرة على ربط أماكن التجمع والترفيه والمجمعات السكنية والمالية بشبكات مركزية مثل تقنيات الواي ماكس (WIMAX)، على أن ترتبط هذه الشبكة الرئيسية بمجموعة نقاط توزيع لاسلكية، تكون بمثابة النقاط ساخنة (hot-spots) في المدينة وربط هذه النقاط بشبكة رئيسية ووصلها بمراكز المعلومات.

وبخلاف ما يعتقده البعض منا، الذين يرون في تشييد «المدن الذكية» بذخا غير مبرر أو هدرا مبكرا لأموال ينبغي أن تصرف في مجالات أكثر جدوى أو بالأحرى أكثر إلحاحا، تشير الدراسات إلى الجدوى الاقتصادية لمثل تلك المدن المتطورة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً