الطلاق هو الوسيلة الصحيحة والفعّالة عندما تنتهي المودة والرحمة وتكثر المشكلات بين الزوجين. والكل يعلم أن عملية الطلاق نفسها شاقة على الأسرة وبخاصة الأبناء. فانفصال الأم والأب يخلق الكثير من المشكلات الاجتماعية والعاطفية والنفسية عند الأبناء.
ولكن موضة هذه الأيام من قبل بعض شبابنا البحريني بإرسال رسالة نصية عبر الهاتف النقال (SMS) لإنهاء العشرة الزوجية والعلاقة المقدّسة التي منّ الله علينا بها منذ الأزل تعتبر ناقوس خطر يهدد النسق الأسري المتعارف عليه!
هنالك الكثير من الروابط التي تربط الزوجين ببعضهما إلى جانب العلاقة الزوجية، والتي تتمثل في الأبناء والنفقة والسكن وغيرها من الأمور المعقدة، والتي تحتاج الى تمعّن ومناقشة بين الطرفين أو بين الطرفين مع عائلتهما أو بين الطرفين في المحاكم.
ولكن استخدام أسلوب «SMS» في عملية الطلاق لا يعتبر أسلوبا صحيحا لإنهاء الرابط بين الزوج وزوجته؛ لما له من إهانة للزوجة وتعقيد للأمور التي هي أصلا معقّدة بينهما.
وهذه الموضة أخذت تزداد انتشارا عند الكثير من أبنائنا الشباب المستهتَرين بأهمية الرابط الزوجي بين أي اثنين وقيمته، وهناك الكثير من الزيجات في وقتنا الحالي قد لا تتجاوز أسبوعين؛ بسبب أمور تافهة لا تشكل أسبابا قوية لإنهاء الحياة الزوجية، وعلى رغم ذلك تجد الرسالة النصية تأتي مفاجأة للزوجة لإنهاء هذه العلاقة التي لم تبنَ بعدُ، وتحطم خيوط الأسرة التي لم تُحَكْ بعدُ!
إن الطلاق كما قلنا آنفا أفضل وسيلة للإصلاح بعد ما تنتهي السبل وتغلق الأبواب في وجه الزوجين، ولكن هذا النوع من القضايا يجب أن يكون فيه المرء متعقّلا ومتأنيا ومواجها لهذه المشكلة، ولا يستدعي الرسالة النصية التي لا تدل إلا على تهوّر صاحبها واستعجاله في أمور الطلاق وداء الشقاق.
لقد وضعت لنا الشريعة الإسلامية طرقا وقائية للحفاظ على الأسرة مثل التسامح وكظم الغيظ، وكذلك رسمت لنا الشريعة العظيمة خطوات أخرى عند حدوث المشكلة بين الرجل وزوجته في الكتاب والسنّة، عن طريق الإصلاح والكلمة الطيبة بل الهجران إذا استدعى الأمر ذلك.
ولكن إذا زاد الشقاق وتصدّعت الأسرة وفشلت كل محاولات الإصلاح، فعندئذٍ نلجأ إلى التحكيم في هذا الشقاق امتثالا لأمر الله عز وجل: «وإن خفتم شقاقَ بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفقِ اللهُ بينهما إن اللهَ كان عليما خبيرا» (النساء: 35).
وأخيرا عندما يتسع الفرق ويزداد الخلاف ولا تكون هناك نقاط التقاء بين الزوجين، فعندئذٍ يكون الطلاق هو الدواء المرّ الذي لابد منه عند الضرورة، والذي يتم برضا الطرفين وجلوسهما ومناقشتهما الكثير من الموضوعات التي تربطهما وكيفية التعامل معها بعد الطلاق.
وإننا نتكلم هنا عن الخطورة الاجتماعية في رسائل الطلاق النصية عبر الهواتف النقالة في التسرّع وعدم الاستفادة من الخطوات التي رسمها لنا المشرّع، وفي هدم البناء الأسري والعلاقة الزوجية المقدّسة بين أي زوجين، نتمنى من علماء الدين أن يتناولوا هذه القضية في حوار مفتوح بمعيّة بعض القضاة الشرعيين الصالحين، وحفنة من رجال القانون المهتمّين بمسائل الطلاق.
ونوصلها رسالة الى شبابنا من خلال هذه الكلمات بعدم التسرع في يمين الطلاق، وعدم إرسال «SMS» لإنهاء العلاقة الزوجية!
ولا تكونوا كالشاعر الفرزدق الذي طلّق زوجته نوار ثم ندم أشد الندم وقال:
نَدِمْتُ ندامة الكسعي لمّا
غدت مني مطلقة نوارُ
فأصبحت الغداة ألوم نفسي
بأمر ليس لي فيه اختيارُ
وكانت جنتي فخرجت منها
كآدم حين لجّ بهِ (أخرجه) الضرارُ
ولو أني ملكت بها يميني
لكان عليّ للقدر اختبارُ
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ