النفط - المادة السوداء اللزجة - هو إحدى الطاقات غير المتجددة التي يستفاد من الطاقة الكامنة داخلها عند عملية حرقها. الدول المصدرة للنفط في الوقت الحالي تتحصل على ثروات هائلة من بيع هذه السلعة في الأسواق العالمية؛ بسبب ارتفاع سعرها إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة.
فالسعر الحالي يزيد تاريخيا على أقصى سعر وصل إليه النفط مطلع الثمانينيات بسبب الثورة الإيرانية ومن ثم الحرب العراقية - الإيرانية (بحساب التخضم).
حاليا لا توجد حروب في منطقة الشرق الأوسط وإنما تهديدات من عدة أطراف إقليمية ولكن القيمة الفعلية للنفط يزداد بصورة شبه يومية ويخترق كالثور الهائج مستويات تاريخية.
المفكرون والمحللون والاقتصاديون في البورصات العالمية يعزون الأسباب إلى قانون العرض والطلب، والمضاربون إلى القيمة المتدهورة للدولار بالإضافة إلى الطلب المستقبلي للنفط الذي قد لا تقدر الدول المنتجة على استيفائه.
إحدى المشكلات لدى المحللين هي صعوبة الحصول على أرقام معتمدة وصحيحة من الدول المنتجة للنفط وخصوصا دول الشرق الأوسط فهناك جانب من التحفظ والكتمان من قبلها بل تعتبرها أمورا على درجة عالية من السرية. لذلك يبدي المحللون درجة من الحساسية اتجاه الأرقام المعلنة من قبل وزارات النفط في منطقة الشرق الأوسط ودول «أوبك».
أحد التقارير المهمة في مجال الطاقة بدرجة عالية من الاحترام والشفافية هو المراجعة الإحصائية السنوية للطاقة العالمية والمنشور من قبل شركة بريتش بتروليوم. تقرير العام الجاري جعل احتياطات الدول العربية في الشرق الأوسط نهاية العام 2007 كالتالي بمليارات البراميل النفطية: العراق (115)، الكويت (101.5)، عمان (5.6)، قطر (27.4)، السعودية (264.2)، الإمارات (97.8)، سورية (2.5)، واليمن (2.8).
لتضمين عدد السنوات الباقية من عمر الآبار النفطية لهذه الدول فقد قام الإحصائيون بحساب الإنتاج السنوي للحقول في العام 2007 ومن ثم قسمة الاحتياطي على الإنتاج وبذلك فقد يبلغ عدد السنوات المتبقية كالتالي لهذه الدول: العراق (أكثر من 100 عام)، الكويت (أكثر من 100 عام)، عمان (21.3)، قطر (62.8)، السعودية (69.5)، الإمارات (91.9)، سورية (17.4) واليمن (22.7).
يجب ملاحظة أن عدد السنوات المتبقية يعتمد على إنتاج العام 2007 وبالتالي أي زيادة إنتاجية فستخفض عدد السنوات المتبقية فمثلا إضافة 10 في المئة إلى الإنتاج سيسبب خفض عدد السنوات المتبقية عقدا كاملا.
هذه الدول وخصوصا ذات الإنتاج الضخم عليها ضغوط هائلة من قبل الدول الكبرى لزيادة استثمارها في قطاع الطاقة وبالتالي زيادة إنتاجها إلى مستويات غير مسبوقة.
الملاحظة الأخرى أن عدد السنوات المتبقية لمعظم الدول تتكون من رقمين وليس ثلاث أرقام وبالتالي سينضب النفط بعد جيلين من الآن أما الدول التي سينضب ذهبها الأسود أولا فهي اليمن وسورية ومن ثم السعودية وقطر ومن ثم الإمارات والعراق والكويت.
وختاما، نتوقع من الأرقام المذكورة آنفا وبسبب ارتفاع قيمة الذهب الأسود حاضرا ومستقبلا خلال نصف قرن من الآن اتجاه العالم إلى تطوير الطاقات المتجددة والنووية وإذا لم يحدث هذا التحول فستشهد المنطقة صراعا على براميل النفط المتبقية.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ