العدد 2209 - الإثنين 22 سبتمبر 2008م الموافق 21 رمضان 1429هـ

الأسهم الخليجية: أين دور المواطن؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أعرف أن هناك تفاوتا بين دولة خليجية وأخرى في نسبة انهيار سوق الأسهم، لكن الثابت أن هذه السوق حققت خسائر بمليارات الدولارات في هذه الدول، والثابت - أيضا - أن المواطن هو الذي تكبد كل هذه الخسائر.

المسئولون عن هذه الأسواق في دول الخليج لم يقدموا إلى الأسواق المالية في بلدانهم أي دعم حقيقي - إلا فيما ندر - واكتفوا برؤية هذه الانهيارات المتلاحقة، ولزم غالبيتهم الصمت، وحاول بعضهم تبرير هذه الانهيارات بصورة مضحكة، كما حاول البعض اتهام الأسواق المالية - والأميركية خصوصا - بأنها وراء هذه الانهيارات وأن الداخل بريء كل البراءة مما يحدث فيها.

المواطن الخليجي - كما قلت - هو الذي وقع في الفخ، وهو الذي دفع الثَّمن من جيبه ومن قوت أولاده ومن صحته، بل إن البعض دفع حياته، ومع هذا كله فالمسئولون يكتفون بالصمت، واذا نطق أحدهم ادعى أنه ليس من المناسب أبدا التدخل في السوق، وانما الأفضل تركه للمواطنين لأنه سوقهم وحدهم.

بعض المسئولين يستند إلى أقوال بعض الاقتصاديين الذين يقولون إن القادم أسوأ، وان الانهيارات التي حدثت في أميركا لن تتوقف، وهناك انهيارات قادمة أكثر منها بكثير، وإن هذه الانهيارات ستأتي على مدخرات الدول الخليجية المغلوبة على أمرها والتي أودعت جميع مدخراتها في المصارف الأميركية، وعندها ستتأثر المصارف الخليجية، وستتأثر بالتالي سوق الأسهم في كل بلد، وسيكون المواطنون هم ضحايا هذه الانهيارات!

هؤلاء المسئولون يبشروننا بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكنهم لا يفسرون لنا مطلقا لماذا يضعون أموالنا في هذه المصارف التي يعرفون انها غير آمنة؟ لم يقولوا لنا لماذا لا يضعونها في مصارفنا الآمنة، لماذا لا يستثمرون هذه الأموال في الدَّاخل، بل لماذا لا يستثمرونها في سوق الأسهم وهم يعرفون أن عوائدها أفضل بكثير مما يجدونه في مصارف أميركا؟

على أية حال مسئولونا - كما يبدو - لا يهمهم حال المواطن، ولا يعنيهم حال السوق وهم يعرفون أنها من أعمدة الاقتصاد في أي بلد - ومسئولونا لا يعرفون أن يقلدوا الأميركان الذين ضخوا مليارات الدولارات لإنقاذ أسواقهم ومصارفهم من الانهيارات، ويكتفون بترديد كلام لا قيمة له ولا وزن.

ولذلك يجب أن يتحرك المواطن وبالطرق المتاحة القانونية في بلادهم لمقاضاة المسئولين وجرهم إلى العدالة، وإجبارهم على تعويض الخاسرين في هذه الأسواق، لأن هذه الخسائر إنما حصلت بسبب الإهمال الذي كان واضحا في سائر الإدارات المالية في كل الدول الخليجية...

المفروض أن يتحرك المسئولون في الحال عندما تقع أية هزة عنيفة في السوق، والمفروض - أيضا - أن يتحدثوا بصراحة عن الأسباب وطريقة التعاطي معها، لكنهم لا يفقهون شيئا مما قلت وبالتالي يجب أن يدفعوا ثمن أخطائهم.

في دولنا ماتت مجموعة من الناس بسبب خسائرهم، وأعداد كبيرة أصيبوا بأمراض مزمنة سيعانون منها مدى الحياة، وأعداد أخرى أصبحوا تحت طائلة الديون الكبيرة، وهكذا زاد الفقر والمرض ولنا أن نتخيل كيف سيصبح المجتمع الذي يسوده فقر ومرض دائمان!

إن على المواطن ألا يسكت على هذا الواقع المؤلم، عليه أن يتجه إلى القضاء وإلى جمعيات حقوق الانسان في بلده أو خارجها، وله أن يلجأ إلى كل جهة يعتقد أنها ستنصفه وتعيد إليه حقوقه.

ان الصمت سيشجع الذين تعمدوا الإساءة إلى مواطنيهم، وسيجعلهم يتمادون في غيهم، وعندما يجدون أن هناك مواطنين يدافعون عن حقوقهم بقوة وصبر فإنهم سيتراجعون، ولعل الجهات القضائية في بلداننا - مهما تكن مسمياتها - تنصف المواطنين وتعيد إليهم حقوقهم، وهذا هو الأمل فيها، فلم يبق أمامنا الا القضاء نلجأ إليه، ويوم ان يضعف القضاء فقل على الدنيا وعلى العدالة السلام

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2209 - الإثنين 22 سبتمبر 2008م الموافق 21 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً