بشكل مفاجئ، ومن دون مقدمات فاجأني صديق يعمل في قطاع تقنية الاتصالات والمعلومات، وبنبرة يشوبها بعض التهكم، بالسؤال «ما هذا النشاط غير الطبيعي بشأن الرواق البحريني في معرض جايتكس 2008؟ هل لديكم ما تعروضونه أكثر من بعض الأجهزة والمعدات المستوردة؟»، وأتبع ذلك «أين أنتم من تايوان وسنغافورة... وحتى على المستوى العربي البحرين ليست القاهرة، ولا حتى عمان؟».
باغتني السؤال، لكني وجدت أن منطق الأمور يبيح للبحرين أن تشارك، بل وأن تحرص على المشاركة في مؤتمرات مثل جايتكس، ففي ذلك من الأسباب والمبررات ما يبيح لها ذلك.
رددت على صاحبي: لو قبلنا بمنطقك فلن يشارك في جايتكس وغيره من المعارض سوى حفنة من الدول بحجم الصين واليابان، ولن يعرض فيه أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة من الشركات العملاقة من امثال أوراكل ومايكروسوفت وآي بي إم.
هذا من ناحية المبدأ العام، أما على مستوى المبررات الذاتية فهي كثيرة وبوسعي أن أسوق العشرات منها، ولكني أختزلها إلى أكثرها أهمية ومنطقا وهي:
1 - تتجاوز أسباب ومبررات المشاركة عرض خدمات ومنتجات تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية فحسب، كي تصل أيضا إلى إمكانات توفير الفرصة، وإتاحة المجال امام الشركات البحرينية، وخاصة من الحجم الصغير والمتوسط للاحتكاك بالشركات المحلية والإقليمية والعالمية، للاطلاع على تجاربها، وإمكانية جلب منتجاتها وخدماتها إلى السوق البحرينية.
2 - يوفر المعرض فرصة الاستفادة من الموارد البشرية البحرينية، سواء بشكل مباشر أو من خلال الشركات البحرينية المشاركة، لتنفيذ مشروعات أو تطوير برمجيات تحتاجها الأسواق العربية، وخصوصا الخليجية منها، وتحديدا عندما تحتاج تلك البرمجيات إلى نوع من المهارات المحلية من التعريب (Localisation)، أو مراعاة بعض الأمور الحضارية.
3 - تمتلك البحرين من الخدمات والمنتجات في قطاع تقنيات الاتصالات ما يسمح لها بالمشاركة، فهناك الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات من قبل شركات بحرينية أو مكاتبها الإقليمية في البحرين من أمثال «بتلكو» و «2 كونكت» و «كلام» و «زين». وعلى رغم أن بعض هذه الشركات ليست من فئة الصغيرة والمتوسطة، فإن لها علاقات تجارية مع شركات محلية تنتمي لتلك الفئات.
4 - ينطبق الأمر ذاته على قطاع تقنية المعلومات. فالبحرين كانت رائدة في تعريب جذري وناجح لبرمجيات عالمية، نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر، برنامج النافذة الذي طورته شركة «أنظمة 01» ، في الثمانينيات من القرن الماضي، ولاتزال لديه حصة لا يستهان بها في قطاع البرمجيات المصرفية المعربة. وإلى جانب ذلك، طورت شركات ومؤسسات بحرينية برمجيات أخرى من بينها برنامج التعليم الإلكتروني العربي (أيسز) الذي طوره فرع الجامعة العربية المفتوحة في البحرين، ويستخدمه آلاف الطلبة، من بينهم من يحضرون شهادات الماجستير والدكتوراه.
5 - طورت حكومة البحرين، بالتعاون مع شركات محلية نظاما إلكترونيا للمناقصات، يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط. وعلى رغم أن شركة دولية هي التي تمتلك حقوق الملكية الفكرية لمنصة المناقصات الإلكترونية، فإن التفاعل بين مديري الإشراف على بناء المنصة وتشغيلها هم فريق من الشباب البحريني ممن يعملون في القطاعين العام والخاص، نجحوا، بفضل مهاراتهم المهنية في إضافة بعض الوظائف التي تحتاجها السوق المحلية للماقصات، وخاصة في تعاملها مع القوانين والأنظمة المعمول بها في مملكة البحرين. كما يشرف مجلس المناقصات، بالتعاون مع شركات بحرينية على إعداد أدلة تدريب لاستخدام تلك المنصة.
6 - نجح القطاعان: العام، ممثلا بهيئة الحكومة الإلكترونية وصندوق العمل (تمكين)، ومؤسسات المجتمع المدني ممثلة بجمعية البحرين للإنترنت، والقطاع الخاص مثلا بغرفة تجارة وصناعة البحرين، في تشكيل لجنة وضعت على عاتقها إنجاح المشاركة البحرينية في جايتكس 2008، وهي تسعى، من خلال تقييم هذه التجربة، إلى دراسة إمكانية المشاركة في معارض، عالمية مثل سيبيت في ألمانيا، أو أخرى في قطاعات أخرى غير تقنية الاتصالات والمعلومات.
لمست تراجع صاحبي عن إصراره. وكانت فرحتي عظيمة عندما كنت أقوم بزيارة للاطلاع على إجراءات التسجيل للمشاركة في مكاتب صندوق العمل... لقد سبق صاحبي الجميع إلى هناك ووجدت اسم شركته في مقدمة من أنهى تلك الإجراءات
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2209 - الإثنين 22 سبتمبر 2008م الموافق 21 رمضان 1429هـ