تسود أجواء من التمرد في صفوف حزب العمال البريطاني يخشى أن تقود إلى المطالبة بتنحي رئيس الوزراء غوردون براون بعد إصابة الحزب بنكسة جديدة في انتخابات فرعية تنذر بفرص ضئيلة في احتفاظه بالغالبية في الانتخابات المقبلة.
وخيمت أجواء من الخيبة والقلق داخل حزب العمال بعد هزيمة مرشحه الجمعة في دائرة شرق غلاسكو التي كانت تعتبر حتى الآن أحد أكبر معاقل الحزب، وهي ثالث هزيمة له في انتخابات تشريعية فرعية خلال ثلاثة أشهر.
وقال أحد أعضاء الحكومة في تصريحات نقلتها الصحف من دون ذكر اسمه «لا يمكننا الانحدار أكثر من ذلك، بلغنا القعر».
ويتفق المراقبون على أن براون (57 عاما) يكافح من أجل بقائه السياسي بعد سنة بالكاد على توليه رئاسة الوزراء.
وكتب المعلق السياسي في صحيفة «دايلي مايل» (وسط اليمين) السبت أن «السؤال المطروح الآن لم يعد إن كانت ستجرى محاولة لإزاحته، بل متى ستجرى».
وينعم براون في الوقت الحاضر باستراحة قبل أن يستأنف البرلمان عمله في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول وهو نفسه في إجازة لمدة أسبوع.
وأعلن الوزراء الواحد تلو الآخر عن دعمهم له مبررين هذه الهزائم الانتخابية بتباطؤ عجلة الاقتصاد والأزمة المالية العالمية.
واقتصرت المطالبة باستقالته حتى الآن على نائب وزعيم نقابي بارزين.
غير أن براون قد يقدر المدى الحقيقي لهذا الاستياء خلال المؤتمر السنوي الذي سيعقده الحزب في نهاية سبتمبر/ أيلول في مانشستر (شمال غرب).
وان كان رئيس الوزراء دعا حزبه الجمعة إلى التمسك «بالثقة» رغم «النكسات والصعاب»، إلا أن الحزب يبدو منهكا بعد 11 عاما من توليه السلطة بالرغم من الجهود التي يبذلها من أجل الوفاء بوعوده بشأن إصلاح الخدمات العامة.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد كومريس لحساب صحيفة «اندبندنت» السبت، فهو لا يحصل سوى على 24 في المئة من نوايا الأصوات مقابل 46 في المئة للحزب المحافظ.
وفي حال تحققت هذه التوقعات في الانتخابات التشريعية، فسيفوز المحافظون بغالبية 236 مقعدا نيابيا.
واستبعد براون ضمنا الجمعة إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، فيما يفترض أن تجرى الانتخابات التشريعية المقبلة في مايو/ أيار 2010 على أبعد تقدير.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة ايسكس انطوني كينغ أن فرص العماليين «شبه معدومة» في الفوز بولاية رابعة على التوالي.
وقال متحدثا إلى صحيفة «دايلي تلغراف» (يمين) «لم يحدث أن فاز أي حزب تدنى الدعم له إلى هذا الحد في هذه المرحلة من ولايته بانتخابات».
وشبه معلقون آخرون وضع براون بوضع رئيسة الوزراء السابقة المحافظة مارغريت تاتشر التي اضطرت إلى التنحي من رئاسة الوزراء العام 1990 إثر هزيمتها في انتخابات داخلية لقيادة الحزب بعد شهر على هزيمة الحزب بفارق بسيط في انتخابات تشريعية فرعية.
وخسر حزب العمال مقعده في شرق غلاسكو أمام الحزب الاستقلالي الاسكتلندي بعدما كان هزمه العام 2005 بفارق 13507 أصوات.
وتكبد حزب العمال في الانتخابات المحلية مطلع مايو أسوأ هزيمة عرفها منذ أربعين عاما ثم هزم في انتخابات تشريعية فرعية عن دائرة كرو (شمال غرب) قبل أن يحل في المرتبة الخامسة في هنلي (وسط). غير أن العماليين يترددون في التخلي عن براون علما منهم بأن هامش التحرك أمام خلفه سيتقلص أكثر في ظل أوضاع اقتصادية متدهورة.
كما أن الوزراء الشبان الذين تطرح أسماؤهم لخلافته بدءا بوزير الخارجية ديفيد ميليباند (43 عاما) غير متلهفين إطلاقا لكسب لقب رئيس الوزراء لأقصر ولاية في تاريخ بريطانيا.
العدد 2153 - الإثنين 28 يوليو 2008م الموافق 24 رجب 1429هـ