كنت الأسبوع الماضي في بريطانيا، وأحد الموضوعات التي تشغل بال البريطانيين حاليا وتغطيها وسائل الإعلام بشكل يومي يتعلق بجرائم الشباب الذين يستخدمون السكاكين للعراك والقتل. وقد تحوّلت ظاهرة استخدام السكاكين إلى قضية رأي عام، ويسعى البرلمان البريطاني حاليا لاستصدار قانون يفسح المجال لمراقبة وضبط ومعاقبة الصغار الذين يحملون السكاكين ويعتدون على الآخرين. وقبل يومين ألقي القبض على ثلاثة شبان ووجهت إليهم تهمة قتل مراهقة بالطعن حتى الموت في لندن. وقالت إحصاءات الشرطة إن بريطانيا تشهد حوادث اعتداء بالسكاكين لم تعرفها من قبل، ففي 10 يوليو / تموز الجاري قتل ستة أشخاص خلال يوم واحد، وقد قتل قبل ذلك (في مايو / أيار الماضي) أحد أبطال فيلم هاري بوتر الجديد (الذي لم ينزل للسينما بعدُ)؛ بسبب اعتداء عشوائي بالسكين.
الشرطة البريطانية طرحت مبادرة شاملة لمكافحة جرائم السكاكين تركز فيها على تنفيذ إجراءات مباشرة للحد من جميع الجرائم ذات الصلة بالسكاكين، وطرحت المبادرة للتشاور مع عامة الناس؛ بهدف طمأنتهم وتشجيعهم على دعم هذه الحملة ولاسيما في ما يتعلق بتوفير المعلومات عن المشتبه فيهم من العصابات الشبابية التي تنتشر في أماكنَ كثيرةٍ.
الدراسات الميدانية انطلقت من كل جانب، وبعضها يشير إلى أن عددا غير قليل من الشباب أصبح يرى حمل السكين والتلويح بها دليلا على البطولة وأن الشقاوة تتطلب المباهاة أمام أصدقائه بالقدرة على حمل السكين وضرب الآخرين بها. وفي كل التغطيات الصحافية المطروحة لا تقرأ أي شيء عن نوعية الشباب من ناحية الانتماء الإثني أو الديني. فلا تدري إن كان الحديث عن شباب لونهم أسود أو أبيض، أو عن هنود أو إنجليز أصليين. ربما تستطيع معرفة بعض من ذلك عندما تصل الأسماء الى المحاكم أو ان التقارير التلفزيونية تأخذك الى موقع الجريمة، ولكن لايسمح بإطلاق التعميمات ضد فئة من فئات المجتمع.
لدينا في البحرين شيء مشابه... مجموعات من الشباب أصبحت تهوى حمل المولوتوف وحرق الإطارات، وأصبحت هذه الممارسة هواية لدى بعضٍ من صغار السن بشكل خطير لا يمكن السكوت عنه، تماما كما هو حال السكاكين في بريطانيا. لا بل إن بعض صغار السن يمارسون هذه الهوايات الجديدة وهم لا يدركون خطورتها، تماما كما هو حال حاملي سكاكين بريطانيا. اننا بحاجة إلى إزالة «التسييس» المبالغ فيه بالنسبة لهذا الموضوع، وأن ننظر إلى المشكلة بصفتها ظاهرة مقلقة تنتشر لدىبعض صغار السن، وأن أسبابها متعددة وبالإمكان مواجهتها بأساليبَ علميةٍ وعقلانيةٍ... ولكنها ليست انتقامية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2152 - الأحد 27 يوليو 2008م الموافق 23 رجب 1429هـ