من تظنّ نفسها سويسرا هذه؟ كم عدد سكانها؟ وكم احتياطاتها النفطية؟ وكم تصدّر من براميل النفط يوميا حتى تتجرّأ على اعتقال نجل زعيم عربي يومين كاملين؟ من تظنّ نفسها هذه الدولة حتى ترتكب هذه الجريمة البشعة النكراء بحق بلد عربي يمتلك احتياطات تبلغ 50 مليار دولار؟
ثم لماذا كل هذا الحقد على قادة وزعماء ورؤساء الدول العربية وأنجالهم وأحفادهم، الذي يصل إلى تلفيق التهم الكاذبة بإساءة معاملة الخدم في الفنادق ومخالفة قوانين المرور وتجاوز الإشارات الحمراء؟
قبل سنوات فبرك الفرنسيون الحاقدون تهمة سخيفة ضد هنيبعل القذافي (32 عاما)، وأوقفته الشرطة بتهمة قيادة سيارته بسرعة فائقة في «الشانزليزيه»، وفي العام 2005 أدانته محكمة فرنسية حاقدة بتهمة الاعتداء على صديقته اللبنانية، وحمل سلاح دون ترخيص. بل إن المحكمة حكمت عليه بالسجن أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة «صفع امرأة حامل في شهرها السابع»!
هذا ما كان من الفرنسيين، أما السويسريون فقد لفّقوا لهنيبعل وزوجته تهما أشد بشاعة، وهي التهديد والترهيب والإيذاء الجسدي أيضا، على أثر شكوى تقدم بها خادمان (تونسية ومغربي)، بتعرضهما للضرب، فتم إيقاف هنيبعل وزوجته الحامل في شهرها التاسع. ولم يفرج عنهما إلاّ بعد دفع كفالة قيمتها نصف مليون فرنك سويسري فرنك ينطح فرنك، كما نقلت وكالات الأنباء.
من تظنّ نفسها هذه الـ «سويسرا»؟ وما الذي جرّأها على ارتكاب هذه الجريمة المروّعة التي لا يمكن السكوت عنها؟ وهل وصلت بالغربيين المواصيل إلى درجة اعتقال أبناء الزعماء بتهمٍ ملفّقة؟ فما أوسع حلم العرب وأصبرهم على هذه الانتهاكات لكل القواعد الدبلوماسية في العالم! aولكن... حسنا فعلت ليبيا التي لقّنت هذه الـ «سويسرا» درسا لن تنساه مادامت على قيد الحياة! فقد عمدت إلى وقف شحنات النفط لسويسرا، وسجنت مواطنَين سويسريَّين بتهمة الإقامة غير الشرعية من باب المعاملة بالمثل. وعمدت إلى تخفيض عدد الرحلات الجوية بين البلدين، وأوقفت إصدار تأشيرات الدخول للسويسريين، واستدعت عددا من دبلوماسييها من العاصمة (برن). وفوق ذلك منعت السفن السويسرية من دخول موانئها، وإنزال مؤونتها من المواد الغذائية. فالحرمان من المواد الغذائية والصبر على الجوع أولى من الصبر على هذه الإهانة التي مسّت كرامة الشعب الليبي، والأمة العربية جمعاء من المحيط إلى الخليج.
هذه القرارات لم تكن من فراغ، فقد نظّمت اللجان الشعبية مظاهرات دعت إلى قطع إمدادات النفط، وسحب الودائع الليبية لدى المصارف السويسرية ما لم تقدّم سويسرا اعتذارا رسميا. كما أن هذه القرارات أثمرت، فبعد أن احتجت وزارة الخارجية السويسرية على اعتقال مواطنَيْها واحتجازهما في زنزانة صغيرة مع 20 شخصا آخرين، عاد رئيسهم المدعو باسكال كوشبان ليعرب عن استعداده للقاء الزعيم الليبي لمعالجة الأزمة، والقيام بـ «كل ما قد يكون مفيدا لبلادنا»!
لقد صبر العرب على اتهامهم جماعيا بالإرهاب فلم يغلقوا شركة تجارية للغرب. وصبروا على إهانة دينهم ومقدساتهم، فلم يستدعوا سفيرا ولم يهدّدوا بقطع العلاقات الدبلوماسية. وصبروا على نشر الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لأعظم شخصية في تاريخهم فلم يفكّر أحدهم في قطع النفط... أمّا الآن فلم يعد للصبر متسع بعد أن وصلت الوقاحة إلى تلفيق التهم لأبناء الزعماء، ومداهمة أجنحة إقامتهم في فنادق الخمس نجوم.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2151 - السبت 26 يوليو 2008م الموافق 22 رجب 1429هـ