تفاعلت الأزمة الليبية – السويسرية التي كان سببها نجل الزعيم الليبي هنيبعل وزوجته الملاحقين بتهمة ضرب خادمين، وذلك بعد تسديد كفالة قيمتها 312 ألفا و500 يورو بحسب ما أعلن أحد المحامين عنهما، إلى درجة أن مدير مركز البحوث والدراسات حول العالم العربي وحوض المتوسط التابع إلى جامعة جنيف والموجود حاليّا في ليبيا، حسني لعبيدي، بات يرى، كما جاء في حديث هاتفي أجراه معه موقع سويس إنفو، «أن وقف التصعيد بين ليبيا وسويسرا بسبب قضية الايقاف المؤقت لنجل الزعيم الليبي، يتطلب تدخل طرف ثالث قد يكون جزائريّا او قطريّا أو إماراتيّا».
وتحدثت بعض وسائل الإعلام السويسرية عن وساطة جزائرية يمكن أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي تربطه علاقات جيدة جدّا مع الزعيم الليبي من جهة ومع سويسرا من جهة أخرى.
وكما هو معروف؛ فإن هذه ليست هي الحادثة الأولى التي يرتبط بها اسم هنيبعل القذافي بمخالفة القانون . ففي العام 2005 أدانته محكمة في فرنسا بتهمة الاعتداء على صديقته اللبنانية.
ردود فعل ليبيا كانت حادة بعض الشيء، فقد هدد عمال بالمؤسسة الوطنية للنقل البحري في ليبيا بأن «طرابلس ستوقف شحناتها من النفط إلى سويسرا احتجاجا على احتجاز نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، وهدد المحتجون أيضا باتخاذ إجراءات أخرى لم يحددوها ضد السلطات السويسرية إذا لم تعتذر عن القبض على هنيبعل القذافي.
من جانبها، أفصحت وزارة الخارجية السويسرية عن أن ليبيا علقت إصدار تأشيرات الدخول للسويسريين وتلقت شركات سويسرية في ليبيا أوامر بالإغلاق. وأغلقت بعض الشركات. وكما جاء في بيان أصدرته الخارجية السويسرية، فإن ليبيا «استدعت عددا من دبلوماسييها لدى برن، وأوقفت إصدار تأشيرات دخول لسويسريين، وهي تحتجز مواطنين سويسريين بتهم عدة، كما أن شركات سويسرية في ليبيا تلقت أوامر بالإغلاق، وأن مكاتب بعضها أقفل بالفعل».
وأكدت وسائل إعلام سويسرية أن السلطات الليبية احتجزت، مواطنين سويسريين، فضلا عن تقليص عدد الرحلات الجوية بين البلدين، فيما أغلقت مكاتب بعض الشركات السويسرية في ليبيا، ووجه إلى بعضها تهديد بالإغلاق.
وتكتسب العلاقات – الليبية أهمية خاصة نظرا إلى عمق العلاقات التاريخية، وكبر حجم العلاقات الإقتصادية بين البلدين، والتي نورد ملخصا لما نشره موقع سويس إنفو بشأنها.
فقد شهد القرن التاسع عشر قدوم أول التجار السويسريين إلى ليبيا، تبعه اعتراف سويسرا بالدولة الليبية الناشئة فور إعلان استقلالها عن إيطاليا في العام 1951، ثم كان إدوارد ويلفيغر (1901 - 1975) أول مستشار للحكومة الليبية بعد اكتشاف النفط في أراضيها.
أما اليوم فقد أصبحت ليبيا الشريك التجاري الثاني لسويسرا في القارة الإفريقية بعد جنوب افريقيا إذ وصل حجم المبادلات التجارية بين البلدين في العام 2006 إلى حوالي مليار و917 مليون فرنك.
وليبيا هي المزود الأول لسويسرا باحتياجاتها من النفط الخام إذ استوردت 48,8 في المئة من احتياجاتها من ليبيا في العام 2006، مقابل 56،6 في المئة في العام 2005. في الوقت ذاته بلغت قيمة الصادرات السويسرية في العام 2007 إلى ليبيا (الآلات والمواد الصيدلانية والمنتجات الغذائية أساسا) 278,6 مليون فرنك (بزيادة 16،3 في المئة عن العام السابق)، وصلت قيمة الواردات السويسرية من ليبيا (النفط والمحروقات أساسا) في العام نفسه إلى 1658,9 مليون فرنك.
وكما هو واضح، فإن ورقة النفط هي أقوى الأوراق المتوافرة بين يدي السلطات الليبية، وهي الخطوة التي يمكن أن تلجأ إليها طرابلس من أجل الوصول إلى تسوية ترضى بها هي.
وردّا على هذه الخطوة الليبية، بادر الاتحاد النفطي السويسري إلى التقليل من أهمية تهديد ليبيا بقطع النفط عن جنيف، واعتبر الاتحاد أن قطع امدادات النفط الليبية لن تكون له تداعيات بحيث أن للبلاد ما يكفيها من الاحتياطي ومصادر إمداد اخرى لتلبية احتياجاتها.
من جانبها، من الطبيعي أن تحرك سويسرا آلة علاقاتها الأوروبية لصالحها، هذا ما نلمسه في حث فرنسا ليبيا على تجنب «التصعيد» في خلافها مع سويسرا، كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أريك شوفالييه، في باريس محذرا بأن أي «تصعيد يمكن أن يكون مضرا للجميع» مؤكدا أن باريس «تتابع هذه الوضعية عن كثب».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2151 - السبت 26 يوليو 2008م الموافق 22 رجب 1429هـ