هناك الكثير من المناطق الترفيهية الجميلة في بلادنا، التي أقامتها الدولة بمعية بعض المستثمرين، والتي برهنت من خلالها على اهتمامها الشديد بالشأن الاجتماعي والترويحي عن المواطن.
وإننا إذ نكتب هذه المقدمة فبسبب كثرة القيل والقال من قبل بعض المتقولين عن بعض المناطق الترفيهية؛ لتشويه الصورة الموجودة ولإبعاد الناس عن أماكن التسلية التي تعتبر متنفسا لشريحة كبيرة وخاصة النساء في مجتمعاتنا المغلقة.
فقائلٌ يدعي أن هناك من يصوّر البنات بالهواتف النقالة وينشرها، وقائل قال إنَّ كثرة «البويات» أساءت إلى سمعة بعض أماكن الترفيه، حيث لم تعد النساء قادرات على ارتيادها، وهناك من يقول إن التعرّي الملحوظ من قبل الفتيات في بعض الأماكن السياحية المخصصة للعوائل هو السبب وراء عدم السماح لبناتنا بالاستمتاع في هكذا مناطق. ولو قمنا بالبحث والتقصي فإننا سنجد أن هذا الكلام الذي تم عرضه ما هو إلا قيود وهمية وضعناها لبناتنا حتى لا يستمتعن بهذه التسلية الجديدة في البحرين.
نعم، هناك بعض الشبان يقومون بأعمال تخريبية ولا يلاحظون أثرها على المجتمع أو الأسر، التي تبحث عن الترفيه العائلي الشحيح في البحرين، إذ إن قيام أحد الشباب بتصوير بعض الفتيات عن عمد ومن ثم إرسال الصور بـ «البلوتوث» إلى أصدقائه ليبيّن فهلويته ورجولته يعتبر عملا شنيعا وغير مقبول بإجماع شتى فئات المجتمع.
وعلى كل شاب يحب أسرته أن يتصدّى لمن يحاول أن يقوم بالتلصص لتصوير بناتنا في مناطق الترفيه المعنية للأسر، وعلى كل صديق أن يرفض رؤية «البلوتوث» يصوّر البنات وهن يستمتعن في أوقاتهن بكل عفوية، فكلّنا لدينا حرمات وحدود نرفض أن يتعدّاها الآخرون بتعجرفهم وقلة حيائهم، ولا نعتقد أن هناك فتاة أو امرأة تقبل التنازل عن حقها في الاستمتاع بسبب هذه الترهات الباطلة.
أما بالنسبة إلى مسألة «البويات» فإننا نتساءل هنا عن مدى خطورة «البويات» داخل أماكن الترفيه، وخاصة أن الفتيات في أغلب الأحيان يحضرن إلى مناطق الترفيه بمعية أهلهن، وهؤلاء «البويات» موجودات داخل بيوتنا وداخل مدارسنا البحرينية سلفا، فالكل يعرف أنّ مشكلة «البويات» ليس في وجودهن داخل أروقة مناطق التسلية هذه، ولكنها مشكلة اجتماعية تطول المجتمع في كل قطر من أقطاره.
واذا كانت بعض الأسر تظن تجنب مواقع التسلية مسألة صحيحة للحفاظ على الفتيات ضد بعض النساء غير المحتشمات بالنسبة إليهن، فإننا لا نستطيع أن نفرض أفكارنا وعاداتنا على الجميع، وبالتالي ليس من الإنصاف أن نمنع بناتنا من الاستمتاع بسبب آخرين لا نوافقهم الآراء، فكلٌّ له بُنات أفكاره وقيمه المؤمن بها!
فكل فرد من الأفراد له الحق في أن يستمتع بما تقدّمه الدولة إليه من أساليب ترفيه تساعد على ملء الضجر الذي اكتسى حياتنا الروتينية ولاسيما في العطلة الصيفية.
وليس من العدل كذلك إجبار بناتنا على عدم الذهاب إلى أماكن الترفيه بسبب أحاديث فارغة وباطلة، مثلما كان الحال في عدد من المواقف التي مرّت علينا في السنوات العشر الأخيرة! فكما تمّ تحريم الهاتف النقال على البنات في يوم من الأيام، وكما تم تحريم التصوير الفوتوغرافي والبنطلون الجينز على البنات كذلك فإنّ موجة تحريم مناطق الترفيه موجودة حاليا في أزقة الجمعيات السياسية المتأسلمة.
وإن إفرازات حكم بعض المتأسلمين على عقول الناس مازال يؤثر إلى يومنا هذا في الكثير من الأحكام الاجتماعية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة. فمن الذي يحرّم على بناتنا ويمنعهن من حق الاستمتاع في أماكن لا تسبب ضررا عليهن ولا على أهلهن؟ فالمسئولية الاجتماعية لا توقفها مواقعُ للترفيه والاستجمام، وإنما هي ركائزُ من الآيديولوجيا تجرّعناها مسبقا في النسق الاجتماعي داخل حدود المجتمع نفسه.
لقد شبع الناس من هذا التأثير السلبي الذي يراد به تسويق الدين على حساب الحاجات التي تناسب البعض، وعليه لابد من وضع حدود للآخرين المتفيقهين حول مواقع التسلية، وإسكات من يتفوّه بعدم أحقية ذهاب النساء إليها.
ولينشغل الناس بعيوبهم قبل أن يباشروا رفع أصابعهم على الآخرين سواء كن «بويات» أو غير محتشمات، فكلٌّ لديه عيبه وكلٌّ عليه أن يصلح هذا العيب، فمن العيب أن نتكلم ونتّهم بنات الناس بالسوء، ونحن غرقى بعيوب ليس لها أول ولا آخر!
وأخيرا لنستمتعْ بما قُدّم إلينا من مناطقَ ترفيهيةٍ جميلةٍ وجديدةٍ، ولنضربْ هذه الترهات عرض الحائط، آملين في شفاء أصحابها من مرض إطلاق الشائعات!
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2151 - السبت 26 يوليو 2008م الموافق 22 رجب 1429هـ