استعرض اجتماع مجلس الوزراء الأحد الماضي (20 يوليو / تموز 2008) ما تضمنه الحديث الصحافي لجلالة الملك في 19 يوليو، واعتبر المجلس أن حديث الملك يمثل «دعوة واضحة للنخب السياسية ... إلى الارتقاء بمستوى العمل الوطني والتمسك بثوابته من خلال الرفض بأن تكون مملكة البحرين يوما تابعة لأية دولة لأن التبعية تجعل البحريني مطأطأ الرأس أمام من يتبعه وأن جلالته لا يرضى لأبناء البحرين أن يكونوا يوما مطأطئي الرؤوس». التصريحات العمومية المنسوبة لمجلس الوزراء لا يمكن الاختلاف بشأنها؛ فنحن أهل البحرين رفضنا ونرفض الارتباط بالأجنبي، كائنا من كان ذلك الأجنبي، ولن يأتي اليوم الذي يحدث فيه غير ذلك. ونتفق أيضا انه لا يوجد ما يبرر تشجيع (أو تحريض) شباب في عمر الزهور على حمل المولوتوف، ولكن مثل هذا الفعل (وهو فعل مدان ومرفوض) لا يرتبط بالضرورة بجهات أجنبية، وإنما له مؤثراته المحلية المباشرة.

إن الخشية تكمن في «التعميم» الذي قد تقع فيه مثل هذه التصريحات، وخصوصا أن مجلس الوزراء تحدث عن أن مشروعات التنمية في المناطق السكنية «مرهون بالأمن والاستقرار لما يشكلانه من محاور مهمة في عملية البناء والتنمية»... «فلا تطوير في أجواء غير مستقرة وغير آمنة». والتصريحات تتالت لاحقا، ولم يعرف الكثيرون ان كانت تلك التصريحات قرارات أم انذارات أم توجيهات أم بالونات اختبار.

إن الخطأ لا يعالج بالخطأ، والعقوبة بحسب دستور مملكة البحرين والشرائع الدولية «فردية» وليست «جماعية»، ولا يمكن ربط الأمور بشكل عضوي مباشر، وخصوصا أن هذا يفتح أبوابا أخرى. فنحن نرى أن الضجة التي حدثت عندما أعلنت الحكومة عزمها منع التأشيرات عن البنغلادشيين بعد ارتكاب بعضهم جرائم قتل، ولم تستطع الحكومة الاستمرار في ذلك القرار. كما أن اكتشاف خلايا إرهابية ترتبط بتنظيمات أجنبية خارج البحرين لا يعتبر مبررا لمنع مشروعات التنمية عن أهالي المنطقة التي قد ينتمي إليها بعض الأفراد من تلك الخلايا الارهابية المسلحة.

إننا بحاجة إلى حماية مكتسبات الوطن التي ساهم فيها الجميع، عبر إدانة أعمال التخريب والتحريض، وإفساح المجال أمام الجهود الخيرة لتشكيل خطاب سياسي يجمع الناس على المبادئ والثوابت المشتركة التي أشار إليها خطاب الملك، ويفسح المجال أيضا للاختلاف البناء في وجهات النظر.