لا نريد أن نكون طرفا في المحاصصة العراقية، مثلما لا نريد أن نكون طرفا ضد آخر بشأن مستقبل مدينة كركوك الغنية بالنفط، والتي تتنافس على مستقبلها كل المكونات العراقية عربا وكردا وتركمانا، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة.
نقول لا نريد أن نكون طرفا ولكن ما جرى في مجلس النواب من إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات وما رافق نتائجها بشأن توزيع السلطة في كركوك من تنديد وتهديد يدفعنا إلى الحديث عن تلك الجلسة وما جرى بعدها من انتقادات.
صوت 127 نائبا من أصل 140 مع القانون المثير للجدل بعد انسحاب نواب التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة - جناح رئيس الوزراء نوري المالكي، بالإضافة إلى نائبي رئيس مجلس النواب خالد العطية وعارف طيفور بسبب إجراء تصويت سري على إحدى مواد القانون الخاصة بتوزيع السلطة في كركوك، حيث قال المعارضون للقانون إن التصويت السري يعد خرقا للدستور، وهو كلام نصف صحيح؛ لأن البرلمان العراقي بجميع مكوناته كان قد خرق الدستور عبر أشكال أخرى من التصويت أقربها كان في فبراير/ شباط الماضي عندما صوت على ثلاثة قوانين دفعة واحدة هي موازنة إقليم كردستان والعفو عن السجناء وقانون مجالس المحافظات، وهو أسلوب لم تكشفه الديمقراطيات الأخرى كما لم يتضمنه الدستور العراقي، وهو لا يقل غرابة عن التصويت بشكل سري على فقرة واحدة من بين عشرات الفقرات التي تخص قانونا واحدا كما جرى في آخر جلسة للبرلمان العراقي الثلثاء الماضي.
ومن بين الانتقادات التي سيقت ضد إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات هو عدم التوافق عليه من قبل المكونات الأساسية والمقصود فيها رفض الأكراد للقانون، وهو موقف يحسب للسياسيين العراقيين عندما يدافعون عن جميع المكونات، لكنهم أين كانوا من إقرار قانون الأقاليم في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2006، والذي رفضته إحدى المكونات الأساسية في العراق وأقصد بهم العرب السنة الذين انسحبوا من الجلسة مع كتل شيعية وليبرالية أخرى.
أما الانتقاد الثالث الموجه للقانون والذي قيل بأن عدد الذين أقروه لا يمثل حتى نصف عدد أعضاء البرلمان العراقي (275 نائبا)، فهو كلام لا يخلو من دقة لكنه قابل للطعن أيضا، حيث أقر البرلمان نفسه قانون تبديل العلم العراقي في يناير/ كانون الثاني الماضي بـ110 أصوات فقط، أي أقل بـ17 صوتا عن عدد الموافقين على قانون مجالس المحافظات.
المشكلة إذا في العراق ليست في قانونية أو توافقية أو عدد المصوتين على أي قانون، بل تكمن في «الخطوط الحمراء» التي وضعتها جميع الكتل الداخلة في العملية السياسية، فهذه الخطوط لطالما تتشابك مع مصالح الآخرين، لتبقى النتيجة كما هي عدم الثقة، والتحالف والتحالف المضاد الذي لا يمكن أن يوصل العراق إلى بر تأسيس أية دولة مستقرة.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2149 - الخميس 24 يوليو 2008م الموافق 20 رجب 1429هـ