حينما تشعر أنك غريب عن الديار وأنت ابنها البار وحينما تنقلب مسميات الأشياء! وحينما تصبح بلادنا شركات... تبيع وتشتري حتى لسان الحال.
هي تصاحب من يحمل الأموال وتفتح له الديار أهلا وسهلا لاستثمار الأموال حتى ولو كان أهل الديار جياعا! مسموح وحلال لهم كل شيء... أن يتاجروا ويشتروا ويبيعوا حتى أولاد الدار.
ولا بأس لو نام الجياع على جادةٍ وعند طرف الباب... هي دارهم فأين تكمن المشكلة؟!
باعوا لهم حتى الضمان، فلا تريد الحكومة وجعا للرأس والماء والكهرباء والبلديات والصحة وحتى الاتصالات والتعليم هي هموم على أية حال والتخلص منها هو رأس المنال!
فالخصوصية في الأشياء لم تعد رمزا وإنما هي حكر للشركات! فلها كل الفضل والمآل.
تصرفوا ما شئتم في البلاد والجميع رهن لإشارة منكم! حتى الخطأ يصبح صواب وتنقلب الحقائق وترجع إلى الوراء، لكنهم سمّوا ذلكم تقدما، ما لكم يا جهلاء لا تعرفون الخيال!
وإياك وإياك أن تذكرهم عن الأخطاء أو ترصد لهم ما عانيته من خسارة بسبب تجاوزاتهم فذلك ممنوع ممنوع وستصبح منبوذا منبوذا، هم أصحاب الأرزاق يا ويلنا فقطع الركاب ولا قطع الأرزاق.
فمك أغلقه وإرمِ أقلامك في البحار الواسعة الناشفة من حولك، فما زال فيها مكان لقلمك!
هم محصنون! منهم الأرباب فكيف لك أن تتجاسر على الأرباب... هل أصابك مس من الجنون! كيف سنأكل بعدها! هم الأسياد الجدد! انتبهوا يا سادة يا كرام وتخيروا أن تكتبوا ما بين السطور.. واحذورا فأقلامكم هي التي ستؤرقهم وربما سترميكم في البحر ومن ورائها!
حينما يغيب الوالد عن آبائه ويرميهم الغرباء... ليتعلموا منه شرب الحليب... وكيفية اقتناص الغذاء بالتهليب!
وحينما يصبح الجبن سيد الأخلاق، والتودد هو الخلاص!
اسكتوا واصمتوا! فلا تزعجوهم فهم من يطمعوننا نرجوكم!
تغاضوا وغضوا الطرف وأيضا هذه المرة! وتعوّد أن تتقبلوا الأخطاء واضحكوا... واستهبلوا، فهو زمان الضحك السخيف والنكات المشوهة!
اغمضوا عيونكم لأن هذا الزمان لم يعذر زماننا... حينما باع الولاد أوطاننا... ولا نعرف ما الذي فعلناه ليبيعنا! فما هي ذنوبنا! ولماذا عقابنا!
حزن وألم يعتصر في قلوبنا... زمان ولى وزمان أسود وكحل في كل مكان ووحل وطين مكان البحار!
ويحنا ماذا ستقول عنا الأجيال القادمة كم نحن جبناء، لم نعرف كيف ندافع!
فلم ندافع ولم نتكلم! هم أخافونا... حينما لوحوا لنا برغيف الخبز... خصمتنا وسكتنا وأغمضا عيوننا وغفونا... ونسينا أن هنالك يوما للحساب!
ربما في انتظار نصر من جيل جديد... وقائد شجاع وحسن نصرالله في الخليج... ليذكر الناس بأمة محمد التي لا تنحني لأحد وأن تعيش أبدا مرفوعة الرأس، وترفض الخطأ في كل وقت!
كتبت هذه المقالة على إثر مشاعر دفينة تعبر عن الاحتضار الذاتي في المحظورات الصحافية والتي باتت تقتطع الكثير من كلماتنا الحرة للكتابة، والتي لربما ستكون السبب في ربط قلمي والبحث عن مجالات أكثر اتساعا للانطلاق للكتابة فيها!
فكثرة الأشياء الممنوعة أصابتني بالمرض والكآبة وتكاد تكبل روحي ولساني فمعذرة! ومسكينة صحافة بلادنا وكثرتها لم تعود إلا بالبلاء علينا... فكلها أغلال وقيود!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2148 - الأربعاء 23 يوليو 2008م الموافق 19 رجب 1429هـ