لسنا هنا لنتطرق عن خطورة التبغ أو خطورة ارتياد مقاهي الشيشة، ولسنا كذلك مراقبين لتصرفات البالغين؛ فكل واحد منا مسئول عن تصرفاته وعن صحته، ولكن ما نجده هذه الأيام من دخول الأطفال دون سن العاشرة مع أهلهم الى أماكن تضر بصحتهم ولا تناسب سنّهم، أمرا يحتاج منا الى تبصير هؤلاء الأهالي بخطورة هذا الفعل.
فلقد انتشر في الفترة الأخيرة دخول الأطفال مع ذويهم الى مقاهي الشيشة سواء من الدرجة الأولى أو غيرها، وهذا الأمر يضع الكثير من علامات التعجب أمامنا، فنحن نعلم مدى حب الوالدين لأطفالهم، ونستغرب من جدوى دخول الأطفال بصحبة الكبار في هذه الأماكن التي تنتشر فيها رائحة التبغ بقوة، والتي كما هو معروف عند الكل بأنها تضر الأطفال أكثر من ضررها على الكبار.
لقد رأيت هذا بأمّ عيني ولم يخبرني به أحد، حين توجهت الى مقهى من المقاهي الراقية مع بعض الصديقات، وتفاجأت بأنّ الكثير من الأباء حاضرين بمعية أبنائهم «للتشييش» والاسترخاء، وأخذت أحوّل بصري من أسرة الى أسرة حتى استقرَّ بصري على تلك الأم التي سلّمت ابنها انبوب الشيشة ليجرّب هو الآخر، وقالت له: هذا لأنك أحسنت التصرف، استمتع مرة واحدة فقط!
العجيب الغريب حقيقة عندما يعطي الطفل ليجرّب الشيشة مرة واحدة، ولتقول له الأم هذا لأنك أحسنت التصرف اليوم! هل هذا يعقل أن أكافئ ابني أو ابنتي على هدوئهما في هذا المكان بتجربة سم قد يودي بحياتهم؟!
لا أحد يختلف على مخاطر التبغ والشيشة، ولا أحد في اعتقادي يكره أبناءه، وما هذا الفعل الا دليل على وجود بعض الجاهلين الذين يجرّون أبناءهم الى مهالك اجتماعية وصحية واقتصادية في المستقبل.
ان الضرر الاجتماعي الذي سيؤثّر على الطفل هو تقبلّه للتدخين الذي تحاول الدول القضاء عليه، لمضارّه الشديدة على الجسم البشري نفسه وعلى صحة الآخرين، وكذلك لا يستغرب هؤلاء الأباء إن نشأ الطفل على التدخين، وقد يذهب في بعض الأحيان الى أبعاد أخرى في وجود «رفقاء سوء» يدلّونه على تعاطي الحشيش والمخدرات، وهو في عنفوان سن المراهقة.
كذلك الضرر الصحي من خلال استنشاق تلك الرائحة المنبثقة من الشيشة أو السيجارة، التي تؤثر على الرئة وعلى القلب وعلى حدوث بعض الأمراض السرطانية، فهو يعتبر مدخّن ثان بدون دخان، أي كما يقال باللغة الانجليزية «second hand smoker».
أما الناحية الاقتصادية فإننا نجد الكثير من العوائل ذات الدخل المحدود تذهب الى أماكن الشيشة، وتصرف ما يقارب عشرة دنانير كل أسبوع، في حين تستطيع أن تدّخرها لشراء لوازم للبيت، أو أخذ الأطفال لأماكن أنظف صحيا لهم.
وعتبنا هنا أيضا على أصحاب المقاهي الذين لا يحركون ساكنا، ولا يرفضون دخول الأطفال مع ذويهم في هذه الأماكن الخاصة للكبار فقط، فهذا يعطي انطباع سيئ عن اصحاب المقاهي، كما يؤدي الى بعد الناس عنها لوعيهم التام بخطورة حضور الأطفال الى مقاهي الشيشة.
ان كان هناك أب يحب ابنته وأم تحب ابنها، فلا بد لكم التعقل وايقاف هذا الخطأ الفادح الذي تقومون به، ونتمنى ابعاد ابنائكم عن أماكن لا تناسب سنّهم ولا صحتهم.
كما نرجو من رجال الدين حث أولياء الأمور على استغلال أوقات أبنائهم وابعادهم عن أماكن الشيشة والصخب التي تضر بهم.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2147 - الثلثاء 22 يوليو 2008م الموافق 18 رجب 1429هـ