يعتبر الرياضي المبدع رئيس قناة البحرين الرياضية السابق أحمد عاشور من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالبنان والذي استطاع خلال الأعوام السابقة الحفر على الصخر الصلد وبإمكانات محدودة جدا، إن لم نقل لا توجد بتاتا، وفي ظروف قاسية لم تسعفه أبدا اخراج القناة الرياضية إلى الحياة، ولكنها لم تكن بتلك الطموحات التي حملها عاشور في نفسه إذ كانت أكبر مما كان يمتلكه من إمكانات، ومع ذلك لم ييأس، بل جاهد واجتهد وراح يعمل ليلا ونهارا غير عابئ بالعواقب الصحية التي لازمته في الفترة الأخيرة، متحملا ضغوط العمل والانتقادات الاعلامية والجماهيرية البناءة والهجومية غير المبررة.
ولكن عاشور صار يفتش عن كل جديد في برامج القناة لاعطائها نوعا من الانتعاش وخصوصا في البرامج الجماهيرية الاسبوعية، وأن لم ترقَ إلى المطلوب إلا أنها كانت لها جماهيريتها.
القناة الرياضية وبإدارة المبدع عاشور كان لها الحضور الفاعل في كل الفعاليات المحلية، وصارت تنقل لنا معظم المباريات في المسابقات المحلية في الألعاب المختلفة من كرة القدم واليد والطائرة والسلة، وهذا ما لم يحدث في القنوات المشهود لها بالإمكانات المادية والتكنولوجية والتقنية، إذ كانت معظم تلك القنوات اهتمامها على كرة القدم مع النقل المباشر للمباريات النهائية في الألعاب الأخرى، وهذا يعني تفوق عاشور بإمكاناته المحدودة والتي لا تصل إلى ربع ما تمتلكه تلك القنوات من إمكانات بشرية هائلة، بينما ما لدى عاشور من كفاءات بشرية لا يتعدى أصابع اليد، وهنا معنى التحدي الذي سار عليه عاشور، واستطاع أن يقدم مثالا رائعا للجميع بهذا العمل الجبار الذي كان يحتاج فيه إلى المساندة الفعلية من قبل وزير الاعلام الموقر، إلى جانب المسئولين في هذه الهيئة الاعلامية، ولا اقصد هنا المساندة المعنوية والوقوف إلى جانبه وتشجيعه، بل المساندة المالية والبشرية والتقنية حتى تستطيع كفاءة عاشور أن تبرز لنا قناة رياضية من الطراز الذي يشبع رغبات أبناء البحرين. عندما تقوم القناة الرياضية بنقل سباق السيارات 1 وسباقات القدرة أو سباق الخيل أو البولنج والشطرنج وكرة الطاولة والتنس الأرضي وغيرها من الألعاب الأخرى، فإن القناة لديها القدرة على تقديم الأفضل وتحتاج فقط إلى التطوير من خلال الإمكانات المالية والبشرية والتقنية حتى تقوم على قدمها من دون تشوهات أو عاهات مستديمة كما هي الآن.
ابتعاد المبدع أحمد عاشور عن رئاسة القناة تعتبر خسارة لا تعوض، وكان على الوزير أو المسئولين في الهيئة الاعلامية بدلا من قبول الاستقالة أن تعرف السبب وراء الابتعاد، ونحن على قدر كبير من المعرفة أن المسئولين بمن فيهم الوزير الموقر يعلم جيدا ما كان يعانيه عاشور طيلة السنوات التي كان فيها مسئولا للقناة، ويدركون الأسباب التي أبعدته عن الرئاسة وتتلخص في ضعف الإمكانات المالية والبشرية والتقنية، وغير ذلك لا أعتقد ان هناك أسبابا أخرى قد فكر فيها المخلص عاشور لكي يبتعد عن عمله خصوصا وهو مخلص له ومتفان فيه.
نحن نسأل هل ابتعاد عاشور عن هذا المنصب هو الحل لتطوير القناة؟ فالأمر باقٍ كما هو، ولو جاءت كفاءة وطنية أخرى تحمل الطموحات والخطة المنظمة والأفكار التي ترتب البيت من الداخل ولكن من دون المساندة الفعلية في الإمكانات المالية والبشرية والتقنية، فإن هذه الكفاءة لن تستطيع أن تفعل شيئا، ستظل مقيدة ومكبلة ولن تقدم الشيء الجديد مهما كانت هذه الكفاءة تحمل من علم متخصص في هذا المجال الاعلامي.
نقولها بصراحة ان القناة الرياضية تحتاج إلى الدعم المالي الكبير بتخصيص موازنة ضخمة لتغيير المسلتزمات التي أكل عليها الدهر وشرب، وزيادة عدد الموظفين بأضعاف الموجودين حاليا، وأن تكون هناك غربلة شاملة بوضع خطة خمسية أو عشرية لتطوير القناة ولكن بالإمكانات المالية وبعيدا عن الاجتهادات الشخصية، وعندها تستطيع الكفاءة البديلة قيادة الدفة إلى بر الأمان، وغير ذلك فلا يفكر أي عاقل بأن يقود السفينة في الأمواج الهائجة من دون هذه الإمكانات المطلوبة.
نؤكد مرة أخرى من يريد أن يخلف عاشور في عمله وقبل أن يوافق على هذا الأمر أن تكون الإمكانات المذكورة آنفا موجودة وحاضرة بقوة، وإلا فمآله مآل عاشور في الابتعاد السريع عن العمل في القناة.
أخيرا لا يسعنا هنا إلا أن نشكر المبدع أحمد عاشور على رحابة صدره وتقبل الانتقادات المختلفة بروح رياضية وبابتسامته المعهودة على رغم الضغوط والعوارض الصحية التي كان يتعرض لها، ونأمل له الحياة السعيدة، ولو أننا كنا نرغب في بقائه حتى مع الظروف الصعبة، إلا أن قراره قد يحرك المياه الساكنة والجامدة في توفير الإمكانات المطلوبة لخلق جو صحي من العمل في القناة وانتشالها من الغرق إلى ساحل الأمان
إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"العدد 2208 - الأحد 21 سبتمبر 2008م الموافق 20 رمضان 1429هـ