لا يمكن للمرء وهو يقود سيارته في شوارع البحرين الكبيرة والصغيرة بما فيها الأحياء إلا وأن يرى لافتات ويافطات الإعلانات بمختلف الأحجام والأشكال, الجميل والقبيح, قليل الكلام وكثير الكلام... الخ.
فن الإعلان في الشوارع هو فن له قواعد وأصول, لكن الأمر في بلدنا كسر جميع القواعد, فلم تقف عند حد لافتات تعلق على أعمدة النور أو أطراف الشوارع بل وصلت إلى تعليق اللوحات الإعلانية الثقيلة على أسطح المباني وخصوصا صاحبة النوع الآيل للسقوط وأخرى معلقة على قوائم في باحات المنازل كما هو الحاصل وأنت في طريقك إلى ضاحية السيف قادما من البديع أو جبلة حبشي يشع ضوؤها بصورة لافتة, وأخرى مبانٍ تبرعت بإعطاء مساحات للصق الإعلان بالطول والعرض إلى غير ذلك.
هذه العشوائية في عرض الإعلان في الشوارع وعلى المباني وباحاتها, لا تبدو أنها وبتلك الصورة المبعثرة تخضع لرقابة من الجهات المعنية, فالذوق معدوم كليا, لأن الربح المادي هو الأهم وهو سيد هذه العملية التي حولت شوارعنا ومناطقنا إلى فوضى عارمة من الإعلانات شملت وبشكل غير مباشر المواقع الالكترونية تلصق عناوينها على بعض اللوحات المرورية كما هو في المنامة والعدلية والرفاع, أضف إلى ذلك اللافتات المركونة على الأرض وعند كل لفة حي أو حتى عند كل دوار كما هو الحال في دوارات شارع البديع والمنامة ومدينة حمد والتي نذكر منها مثلا لافتة تتحدث عن خدمة مكافحة الحشرات والصراصير والنمل وجميع أنواع القوارض... والأخيرة أسلوب لا يحتاج صاحبه إلى أن يدفع أموالا لعرض إعلانه لأنه يتبع نظرية ارْمِه في أية زاوية وستصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس في أنحاء مختلفة من مناطق البلاد.
ورغم أن مثل هذه الإعلانات لا تحمل أي نوع من الحماية للمستهلك إن أصابه شيء لأنها لأشخاص لا لشركات وبالتالي كل من يلجأ إليها يتحمل مسئولية تبعات أية نتيجة تحصل له وخاصة انه لا يوجد أي سجل صحي أو تجاري لهذه الفئة التي تقدم خدماتها حالها حال ما ينشر في نشرات الإعلان الورقية... لأن غرض صاحبها هو الربح المادي لا أكثر.
ومن فوضى الإعلانات إلى فوضى الشوارع التي أصبحت سمتها اليوم حفريات, قطع طرق, عمال هنا وهناك, مباني تعمر, وشاحنات وسيارات كبيرة تسير في أي شارع رغم لافتات التحذير, لكن السواق لا يلتفتون لأنهم لا يجيدون قراءة اللغتين العربية والانجليزية وهي التي تنقل مواد بناء وأخرى تقل عمالا آسيويين مثل قطيع الغنم وآخرين التزموا من بعض شركات المقاولات بتوفير باصات مراعاة لحقوق الإنسان لكن من دون تكييف!
كل ذلك وعلينا أن نتجاهل زحمة الشوارع وخربطتها مع خربطة الإعلانات بشتى أشكالها الجيد والرديء منها بل وعلينا أن نهضمه أثناء قيادتنا للسيارة ونحن نتنقل من منطقة إلى أخرى...
فهل تلتفت الجهات المعنية بالدولة أن الحديث عن التطور والانفتاح الاقتصادي لا يتم بهذه الصورة العشوائية في شوارع البحرين, فالتنسيق والتنظيم والمحاسبة هي أمور لابد منها, ويكفي أن نرى ونتعلم فن التخطيط لشوارع بما فيها الأماكن المخصصة للوحات الإعلانية في إمارة متناسقة مثل أبوظبي... وهو مثال حي من بلد خليجي قريب, حبذا لو استفدنا وتعلمنا منه
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2208 - الأحد 21 سبتمبر 2008م الموافق 20 رمضان 1429هـ