العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ

الأعراف البالية لدى بعض المعارضة!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

العمليات التخريبية لاستهداف المدارس والمنشآت التعليمية والطرقات العامة في المملكة والتي وقعت وتقع في الآونة الأخيرة تبقى في النهاية عمليات إجرامية مدارة ومنظمة سواء كانت من قبل شلة وزمرة من «المراهقين المنفلتين» و «الصبية المغامرين» أو كانت عمليات «حمالة لأجندة ورغائب سياسوية محددة» وذلك من قبل إحدى العصابات التنظيمية.

ومثل هذه الأعمال العدائية والهمجية تستهدف مرفقا من المرافق العامة يخدم مصلحة الجميع سواء كانوا «منبريين» أم «وفاقيين» أم «أصاليين» أم «وعديين» وغيرهم، وليست مقصورة على احتياجات أبناء فئة أو طائفة دون الأخرى، ولكن ما يسترعي الانتباه وما ينبغي الإشارة إليه وبالأخص في موضوع الاستهداف التخريبي للمنشآت والمؤسسات التعليمية وغيرها من مرافق عامة هو وجود بعض ما يمكن أن نعتبرها بالتمثلات لأعراف سلوكية بالية وتحركات مبتذلة مازالت تتحكم للأسف في مواقف الكثير من قوى المعارضة بشقيها الوطني والطائفي!

ومثل هذه الأعراف للأسف تجعل من إدانة عملية تخريب أو حرق استهدفت مؤسسة من مؤسسات النفع العام والدولة أو حتى مبادرة تجاوب وتفاعل كريمة من مسئول بالبلاد، كما لو أنها أتت على شاكلة استحياء وخجل أو فعل مكروه لابد منه عسى أن يزيل الشبهات والتهم والتصيدات في الماء الآسن ضد قوى المعارضة وبعض الأطراف الكائدة المتربصة التي ربما تسعى إلى تلبيس هذه القوى جل ما يرتكب من جرائم وتخريب وعدوان!

ولعل من اطلع على خطابات بعض قوى المعارضة والمنظمات النقابية وغيرها لا يلاقي أي نقطة التقاء محرجة بين تلك الأعمال التخريبية التي تستهدف منشآت الدولة والمرافق العامة من جهة والخطوط المبدئية العامة لهذه القوى والمنظمات من الجهة الأخرى، فعلام التردد والتلكؤ في إدانة تلك الجرائم ومرتكبيها أيا كانوا على رغم أنها لا تخفت أبدا من حدة الخطاب المبدئي ولا تقلل من وزن الحمولة القيمية لهذه القوى والتيارات السياسية؟! هل مثل هذا التلكؤ والتردد والسكوت السلبي يخدم أية مبادرة مستقبلية منوط بها تحقيق الشراكة الوطنية لخدمة الصالح العام سواء كانت مطروحة من قبل السلطة أم المعارضة، في حين تعتبر أم المآسد والبطولات تلك النفرات للتضامن مع أي معتقل أو مشتبه ومتهم في أية قضية تخريب أو شغب وعدوان وإن لم توجد هنالك أية أبعاد سياسية وتوجهات مطلبية في ذلك الفعل الإجرامي والعدواني؟!

للأسف أسست هذه الأعراف البالية في العمل السياسي إلى تقعيد لثقافة سياسية شعبوية أكثر رداءة باتت ترى في امتداح مبادرة كريمة يطرحها أحد المسئولين في الحكومة أمرا شائنا ويدعو إلى الخجل، في حين أن انتقاد ومهاجمة وإدانة أعمال عدائية وتخريبية يرتكبها مجرمون يزعمون أنها تخدم أهداف المعارضة فهو شر ابتلاء مكروب لا ضيم من ابتلاعه على فترات وأشواط، وفي مقابل الجميع يبرز «المناضل الكبير» و «القائد» و «البطل» و «المحرر» في صورة الزعاق والشتام والبليغ الذي قد يكون صفيقا، كما يظل المجرم المخرب مناضلا وطنيا وإن ثبت عليه الجرم وثبت أنه مجرد صعلوك طائفي، وأن تنبر جوزة متعفنة خير لك من أن تدخل معه في حوار سياسي!

ومع ذلك، فإن تلك المبايعات والمساندات الشعبوية الخاوية لا تتعلم من أخطاء الماضي حيث انقلابيو الأمس هم انبطاحيو اليوم الذين لا يطيقون صبرا واحتمالا أمام أدنى ثقب في الحاجز النفسي بين الشاتمين والمشتومين! فلربما حري ببعض أطراف المعارضة أن تعيد تقليب صفحات الإيمان بالمسئولية الاجتماعية في ذاكرة النضال الأممي ضد العنصرية والتمييز ومنه كفاح السود الأفارقة ضد نظام الأبارتهايد العنصري، إذ إنه وفي غمرة الوضع البائس والمتردي الذي عانى منه الأفارقة السود من حصار شمولي خانق ومنظم من قبل نظام «الأبارتهايد» العنصري وصل إلى محاولات بسط النفوذ على قطاع التعليم والمدارس الكنسية، وحينما وقف الأسقف جيفري كلايتون أمام خيارين لا ثالث لهما يتعلقان بالخضوع لوصاية «الأبارتهايد» على المدارس أو إغلاق هذه المدارس ومقاطعة العملية التعليمية، حسم أمره بشجاعة وقال «إن نظاما تعليميا متعفنا أفضل لدي من أن يتسكع أبناؤنا الطلبة في الشوارع»، وذلك كما اطلعت عليه في السيرة الذاتية للمناضل الجنوب إفريقي الأسقف ديزموند توتو للكاتب جون ألن والتي صدرت حديثا!

ومثل هذا القول والاختيار إنما يعكس في النهاية قدرا عاليا من المسئولية الأبوية والمسئولية الاجتماعية العامة بالإضافة إلى كونه دورا نيرا للمبادئ والقيم في ترشيد الوعي والسلوك النضالي، وعلى رغم اختلاف المشاهد والسياق فإنه لا يمكن في اعتقادي أن يقارن بأدوار معارضة لا تعرف سوى «فش القهر» كاستراتيجية لها وكذلك بتيارات التمكين السياسي الشرعي بشقيها السني والشيعي والتي تسعى كل منها على حدة إلى ابتلاع واختطاف الحقائب التنموية ومنها حقيبة التربية والتعليم ولو تباينت المواقع من ضحية إلى جاني!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً