قُـم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُسا وَعُقولا
لم يخطئ أو يبالغ أمير الشعراء (أحمد شوقي) حين وصف المعلم بالرسول التربوي والتعليمي، فالمعلم هو من أهم ركائز العملية التربوية والتعليمية، إن لم يكن هو الربان الذي يقود الدفة، فكيف لا؟ وهو الذي يؤثر على سير تلك العملية ويقوم بإعداد جيل واعد من الطلبة، فالمعلم الجيد ليس فقط الذي يعلمنا الدرس وإنما هو الذي يؤثر حتى على شخصية طلبته فهو خير قدوة لهم، فيستمع الطلبة إليه ويستطيعون أن يكتسبوا منه الخصال الحميدة وليس فقط الدرس، ومن هذه الناحية وجب التركيز على المعلم (ماذا يعلم؟ وكيف يعلم ؟ وهل يعلم فقط؟ فهو أيضا يربي).
هذا المربي الفاضل وجب على مؤسساتنا التعليمية الاهتمام به وبقدراته الذهنية والمعرفية ليستطيع أن يعطي بكل ما أوتي من عزم وإصرار على تحسين الأداء، يأتي ذلك من خلال إدراجه في دورات تدريبية مكثفة ليست فقط دورات خاصة بالمعرفة المعلوماتية وإنما دورات تنمي فيه قدرات ومواهب الاتصال والإقناع والتواصل مع المجتمع ليكتسب وعيا معلوماتيّا بدوره التربوي والعلمي والتركيز على التطبيق العملي واكتساب المهارات المعلوماتية.
وايضا من خلال تأهيل المعلم وتمكينه من مختلف المهارات التقنية وتوظيف هذه المهارات في تقديم المادة التعليمية للطلبة من جهة أخرى، من خلال برامج متخصصة في التعلم والتعليم الإلكتروني وحفز المعلم لامتلاك الكفايات المتخصصة وتنميتها باستمرار، وخصوصا في مجال توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنماذج والأساليب الحديثة في التربية والتعليم.
والمجتمعات البشرية عموما والعربية خصوصا بحاجة إلى «صناعة المعلم» (Teacher Industry) لإنتاج نماذج تربوية وتعليمية تقود أبناءنا إلى مرفأ الأمان من الناحيتين العلمية والعملية وبناء مجتمعات معرفية عربية.
وهي تلك الصناعة القائمة على إعداد المعلم الواعي في إنتاجها نماذج قوية للتطبيق في تعليمنا الذي يعتمد على المعلم المتمكن والمبدع بالدرجة الأولى، وحتى تعليمنا الالكتروني يعتمد على المعلم الذي أعد وأدار العملية التعليمية بشكل الكتروني، لذلك فنحن بحاجة إلى صناعة المعلم التي تكسب المعلم كل القدرات والمهارات والأدوات والتقنيات بمختلف أنواعها في بلورة نموذج المعلم الذي يتصف بجميع الصفات التربوية والتعليمية الحديثة والتي يستطيع أن يواكب تقدم الثورة المعلوماتية التي يعيشها العالم ويحسن مستوى العطاء المعرفي لديه ولتحوله ليكون الفنان الذي يقوم برسم ووضع اللمسات السحرية على أذهان طلبته بشكل علمي وعملي ويشكل الأساس التربوي والعلمي لهم ويوثر تأثيرا فعالا في بناء مستقبل معرفي بملامح طلبته، ويتفانى في تبليغ المعرفة الى الناس وفي إخراجهم من ظلمات الجهل الى نور العلم وضيائه.
إقرأ أيضا لـ "هديل العبيدي "العدد 2140 - الثلثاء 15 يوليو 2008م الموافق 11 رجب 1429هـ