في حضرة الشعر، كأنما القنديل الدافئ في برد ذلك الشتاء يتوهج، فيشيع في المحيطين به دفئا حبيبا على القلوب، رقيقا تألفه أنامل المشتاقين للدفء الحاني عليهم، لتتفتح الأعين الناعسة مع همس الكلام على قنديلين من قناديل الشعر، وهما يقرآن من سطور تلك الوريقات على المسامع، وكأنما الشعر حينها أمواج حنان وحب تتراقص ما بين الجنوب.

الشاعران مهدي سلمان وجاسم الحاجي، كانت لهما ناصية الشعر في تلك الأمسية، التي استضافتها أسرة الأدباء والكتّاب البحرينية، لتوقيع إصداريهما الجديدين «السكك... البصارة» لسلمان، و «باب الصمت» لحاجي، اللذين استبقا توقيع كتابيهما بقراءة نماذج مما جاد به الشعر.

ويأتي حفل التوقيع في سياق أنشطة الأسرة، إذ وقعت الأختان ضحى ومها المسجن إصداريهما الأسبوع الماضي.

جاسم حاجي قرأ في الأمسية قصيدة «ثمة شعب في رشفة نفط»، قال فيها:

1

دثّروك بالرداء في ثمالة صاغر عصيّ

كي لا تسقط عنك الجبة وتحلِّق في أرجاء الصحراء

تلك راياتهم مشحونة بجراحات موشّاة بالتسليم

«شعب من هذا...؟! دم من...؟!»

2

وطن يُجاز في فسحة الدهر فتكون بارقةٌ أخرى في عِراك الجحيم

تشخب في قرطاس يستعر غِلا

لتمائم التراب ومعوذات الوأد وزوابع الجمود

3

في الغياهب تأتي الغزاة على عجلٍ

أرتال تعقبها أرتال

تَشيعُ السطو بالحديد على قارعة الأرساغ وتحشر بين الكلمات رؤى تراب السراب وحكمة الأثقال

وفي موكب يبشر بالنبوءات الممطرة تعبّد البطون للرحّل في راحة الإياب...

4

قادمون على متكآت الريح حينما ينسلخ النهار

في غفلة القنطرير

علامَ؟!

لماذا نشرتم الشرخ المشحون بأدوات الطوفان في خيط السحاب؟!

لماذا جلستم تتلون الذنوب الهائمة على كنف الشرائع المرقعة ذنبا ذنبا..؟!

وكان لمهدي سلمان أن يقرأ من قصائده ما يختار، فجاء نص «كتابة» ليقول:

أنا...

حين أكتب وجهكِ

مخضوضرا

بمداد السحاب

كأن صلاة

من السجع تُسقعُ

بيني وبينكِ

هذا الغياب

...

كأن فراتا على شاطئٍ

يُسرّح شعر النخيل ويبكي

ويقطر في جدولٍ

بعض آيات قُرآنه

ويغورُ / ويُنجدُ

مسترسلا في الذهاب

أنا...

حين أكتب وجهكِ

يحملني قمري

لكِ

يا امرأة...

والعصافيرُ

تحشر أعشاشها في كلامي

آهِ يا امرأة...

أين أنتظر الانتظار...

وماذا سأكتبُ

في صدرِ هذا الكتاب...

واختتمت تلك الأمسية الحالمة بتوقيع الإصدارين الجديدين، اللذين أصدرهما قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الإعلام البحرينية.