عدد من التعليقات في الفترة الأخيرة بشأن مجريات الأمور لا تنطلق من أناس يتحملون مسئولية ما يقولون، وبالتأكيد فإن الأحكام القاسية التي صدرت أمس ضد عدد من المواطنين بشأن قضايا ديسمبر ستكون مناسبة أخرى لتكرار عبارات في بعض المواقع وفي بعض الكتابات الصحافية. ولو حاولنا تفكيك تلك العبارات وإرجاعها إلى جذورها فسوف يبدو لنا كأن المكررين لها يعيشون في «دار حرب» أبدية بين أطراف متنافرة.

الأحداث المتكررة والمؤسفة يقع ضحيتها شباب في عمر الزهور، شباب نحن في أمس الحاجة لطاقاتهم الخلاقة، شباب نود أن نراهم أعزاء في وطنهم لا يشعرون بأية مظلمة وليسوا مهيئين للتحريك المفاجئ لأي سبب كان. ولقد تكررت الدعوات لعقلنة الخطاب السياسي والإمساك بزمام الأمور لكي لا ينفلت الوضع ويتجه نحو ما لا يحمد عقباه، فنحن لسنا في دار حرب، إننا في وطننا البحرين، وأبناء البحرين يستحقون بيئة أفضل، ويستحقون حياة أفضل، ويستحقون مستقبلا أفضلَ.

والحديث هنا ليس مخصصا لطرف دون آخر، فكلنا في طرف واحد، نقف من أجل وطننا الغالي. ولقد آن الأوان إلى الإقلاع عن أساليب الأعوام المنصرمة، وآن الأوان للابتعاد عن استخدام التخويف. فالتخويف الذي يزيد عن حده ينقلب إلى أثر مضاد، فالمجتمع الذي يخاف القمع يتحول إلى مجتمع لا يخاف، والدولة التي تخشى التشهير تتطور لديها المناعة وتنتقل إلى مستوى آخر في التعامل.

لا نريد أن نخلق ضحايا للتعذيب أو المحاكمات، ولا نريد أن نخلق مظالمَ لكي ندافع عنها... ربما أن هذا كلام في الوقت الضائع، لكنه ليس كذلك... مازال أمامنا الكثير لكي نعمله من أجل سياسة سليمة تأخذ بعين الاعتبار المطالب المشروعة، ولكنها لا تقع في مطبات يصعب الخروج منها.

البحرينيون لديهم مطالب مشروعة، بعض تلك المطالب معيشية، والأخرى سياسية، وفي ظل الأجواء المحيطة بنا فإن علينا أن نرشد النشاطات الوطنية لتحقيق ما نصبو إليه دون السماح بإيقاع ضحايا. إننا في مجتمع نشط يحتاج إلى مساحة وأطر أفضل يتنفس من خلالها، ومن واجب الدولة توفير أرضية خصبة لذلك، كما أنه من واجب المعارضين والناقدين أن يبتعدوا عن بكائيات الخطاب السياسي الذي يبعث اليأس ولا يبني الوطن.