يقال إن الحلم الأميركي يعتمد على 3 عناصر رئيسية هي: الحركة والحدية والثروة. لكن يبدوا أن هذا الحلم يواجه بعض المشكلات الصعبة حاليا، فانخفاض سعر الممتلكات العقارية بسبب أزمة الرهن العقاري أدى إلى تقليص فعلي لثروة الأسر الأميركية. أما ارتفاع سعر برميل النفط إلى مستويات قياسية فأدى حاليا إلى ارتفاع سعر البنزين إلى مستوى 4 دولار للجالون، أي تقريبا 400 فلس لكل ليتر. (للمقارنة في العام 2005 وخلال وجودي في تكساس فقد كنت أملأ خزانة وقود سيارتي بسعر 2 دولار لليتر الواحد).
حاليا أكون في الجمهورية التركية لقضاء الإجازة السنوية وأرى أن محطات الوقود تبيع البنزين بسعر 3.8 ليرات تركية جديدة لكل ليتر (أي نحو 1170 فلسا). هذا الارتفاع في معظم دول العالم المستورد للنفط والمحروقات يؤثر على قدرة السكان على الحركة داخل المدن لأغراض المواصلات.
هذا المقال يركز على الولايات المتحدة؛ لأنها ببساطة أكبر دولة مستوردة للنفط ومن الممكن أن ينتقل نمط الآثار الاستهلاكية إلى بقية دول العالم، فعدد سكانها 4 في المئة من سكان العالم وتحتفظ بنحو 3 في المئة من الاحتياط العالمي للنفط لكن تستهلك 23.9 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط الخام في العام 2007. وهذه الكميات الضخمة تفوق ضعف استهلاك الصين والهند لكن الأمر المقلق لمحللي الطاقة الغربيين هو النمو السنوي للاستهلاك لكلا الدولتين مقارنة بتوازن الطلب الغربي للنفط.
بالنسبة إلى البنزين فيقدر استهلاك الولايات المتحدة نحو 44 في المئة من طاقة المصافي وتبلغ الكمية اليومية نحو 510 مليارات ليتر، مما يجعل هذه الدولة العظمي تصرف نحو 700 مليار دولار كل عام لاستيراد الطاقة وعندئذٍ لا غرابة من تواجد مخاوف من خبراء تلك الدولة بتأثير ذلك على الاقتصاد والبيئة والأمن الوطني.
لكن الدولة الأميركية لا تستطيع الاستغناء عن ظمأها للنفط؛ ففي العام 1970 أعلن الرئيس الأميركي نيكسون أن الولايات المتحدة تستورد 20 في المئة من الذهب الأسود وأنه في العام 1980 ستكون الكميات المستوردة صفرا لكن العكس هو الذي حدث ووصل نسبة الاستيراد إلى 70 في المئة.
الدراسات الحديثة تؤكد أن الأميركي يفضل البقاء في البيت بدل استخدام السيارة بسبب ارتفاع فاتورة المحروقات، أي أن هناك تغير في ثقافة الحلم الأميركي. دراسات أخرى تؤكد استخدام المواصلات العامة بصورة متزايدة وانخفاض مبيعات السيارات ذات الكفاءة المنخفضة للطاقة وارتفاع مبيعات السيارات الهجينة.
أما شركات السيارات الكبرى فقد انخفضت قيمة أسهمها في البورصة إلى مستويات تاريخية بسبب إغلاق عدة مصانع للسيارات وتفضيل المستهلك النماذج المستوردة ذات الاستهلاك الأقل للوقود.
نحن في مملكة البحرين جزء من العالم وصحيح أننا ندفع 100 فلس للبنرين الممتاز، لكن هناك دعم ضخم من قبل الحكومة لتغطية الفرق مع الأسعار العالمية، فلماذا لا يتم الاستثمار مثلا في خطوط المترو وخاصة في الجزر الجديدة، فالاستمرار في ثقافة السيارات أمر غير مستدام.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ