العدد 2135 - الخميس 10 يوليو 2008م الموافق 06 رجب 1429هـ

الحزب - الطائفة

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

يبدو أن الأخطاء التي رافقت تأسيس الأحزاب القومية في الدول العربية خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي بدأت تتكرر الآن ولكن عبر الأحزاب ذات الطائفة الواحدة.

أخطاء الأحزاب التي تمثل طيفا واحدا من أطياف الشعب لا يمكن أن تمثل كل الوطن، كما ان الأحزاب التي تعتاش على الانغلاق القومي أو الطائفي لا يمكن لها أن تتوقع تعاطفا من الأطياف الأخرى، وخصوصا أن الأوطان لم تعد تمثل قبيلة أو طائفة أو قومية محددة بل تحولت في ظل إنشاء الدولة الحديثة الذي رافقه انفتاح واسع بين الأديان والأعراق والطوائف الى أمم عليها أن تتعايش مع مكونات الوطن الواحد لتخلق بعد ذلك هوية جديدة تحاول ان تضم كل المكونات في هوية وطنية متجانسة.

لا يمكن لأحد أن ينكر أن الكثير من الأحزاب ومن بينها من كان بالسلطة في الدول العربية وبعضها مازال حتى الآن يمثل عائلة أو قبيلة أو طائفة أو دين أصحاب السلطة وهم بالتالي مارسوا التمييز مع أبناء الوطن الواحد خدمة لأهداف في معظمها أمنية تسمح لرأس الهرم في الدولة البقاء لأطول فترة ممكنة، وهي أحد أهم الأسباب لما نراه الآن من اتجاه نحو تشكيل تكتلات طائفية أو قومية الهدف منها تحقيق اهداف فئوية اقل ما يمكن ان نسميها بانها مغلقة كونها لا تمثل كل الشعب، حالها حال المستحوذين على السلطة. لكن هل يجوز أن يقابل خطأ رأس الدولة بخطأ آخر يعتمد بشكل أساس على الانغلاق القومي والطائفي بعيدا عن مفهوم الدولة والوطن؟.

قد يتفق الجميع ان تشكيل الأحزاب الطائفية في البلاد العربية بدأت بشكلها المغلق الحالي في لبنان أولا وعراق ما بعد الاحتلال ثانيا وهي الآن (في العراق على الاقل) برغم ما رافقها في بداية تكوينها من تأييد فئوي، تعيش نوعا من الانغلاق الداخلي والخارجي ان كان على مستوى الطائفة السنية او الشيعية. فهذه الاحزاب تعيش الآن صراعات داخلية على زعامات الحزب - الطائفة، والحزب - القومية بالتأكيد ستكون الطائفة والقومية ومن ثم الوطن المتضرر الاكبر منها.

إن الذين كانوا يعيبون على الاحزاب القومية ممارساتها لإعلاء شأن مكون دون آخر، بدأوا هم يدافعون أيضا عن مكوناتهم الخاصة دون الاخريات ويستقتلون للدفاع عن اهدافهم وسياساتهم الفئوية بطريقة لا تختلف عن ممارسات كل الاحزاب القومية التي شهدتها البلاد العربية منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن.

دول الطوائف تتراجع ودليلنا هو لبنان في ماضيه وحاضره والعراق في حاضره ومستقبله، وهما نموذجان غير ناجحين، لكنهما وان كانتا دولتين عاجزتين فهما تبقيان نتيجة حتمية لسياسات العديد من الدول العربية التي مازالت سياساتها تمارس التمييز ضد أبناء الشعب الواحد.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2135 - الخميس 10 يوليو 2008م الموافق 06 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً