العدد 2135 - الخميس 10 يوليو 2008م الموافق 06 رجب 1429هـ

في انتظار دلال المغربي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد ثلاثين عاما من الغياب، عاد اسم دلال المغربي يتردّد في الإعلام العربي والعالمي... وذلك بمناسبة الحديث عن صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله و«إسرائيل».

دلال فتاة فلسطينية وليست لبنانية، ولدت قبل خمسين عاما، وغابت عن الوجود قبل ثلاثين عاما، وما بينهما قضت عشرين ربيعا كالوردة في حديقة المناضلين.

ابنة يافا... تلقت دراستها الابتدائية والاعدادية في مدارس تابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وعاشت صباها لاجئة مع عائلتها في أحد مخيمات بيروت في أعقاب نكبة 1948. عشرات الآلاف مثلها ابتلعتهم المنافي والمخيمات الموزعة في لبنان والأردن وسورية والعراق واليمن حتى وصلوا إلى تونس والجزائر وقبرص. أما هي فعاد اسمها للإعلام من جديد.

في العام 1978، كانت الحرب الأهلية في لبنان قد مضى عليها عامان، وكان السادات قد قام بزيارته المشؤومة لـ «إسرائيل»، وكان الوضع الفلسطيني يتأرجح بين خيارات البندقية والرهان على غصن الزيتون. في هذا الجو وضع أحد قادة فتح، خليل الوزير، خطة لعملية فدائية جريئة، للنزول على الشاطىء الفلسطيني، والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه بها إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست. واختيرت دلال المغربي رئيسة للمجموعة المكونة من عشرة فدائيين، عربا وفلسطينيين.

وهكذا استقلت دلال وفرقتها قاربين مطاطيين صباح الحادي عشر من مارس 1978، ونزلت الفرقة في منطقةٍ غير مأهولة، ونجحت في الاستيلاء على باص إسرائيلي كان يقل جنودا صهاينة، واتجهت به إلى تل أبيب. وفي الطريق كانت المجموعة تطلق النيران على السيارات الإسرائيلية فأوقعت مئات الإصابات.

عنصر المباغتة فاجأ الاسرائيليين، لكنهم سرعان ما وجّهوا عددا من الدبابات وطائرات الهليوكوبتر لملاحقة الباص، وتعطيل حركته باستهداف إطاراته، لتبدأ معركة بين المجموعة الفدائية وجنود الاحتلال بقيادة يهود باراك آنذاك، بعد تفجير الباص بركابه الجنود، ولما فرغت الذخيرة من دلال وفرقتها أمر باراك بحصد الجميع بالرشاشات.

عندما تبحث اليوم عن صور دلال المغربي على شبكة الانترنت، سترى صورة هي الأكثر تكرارا على مختلف المواقع العربية والاسرائيلية، وهي صورة التقطت لها في آخر ساعة لها في الدنيا. الصورة تظهر باراك، رئيس وزراء «إسرائيل» لاحقا، الذي صوّره الإعلام على انه حمامة سلام أخطأ عرفات بإضاعة فرصة التوقيع معه على وثيقة السلام... باراك هذا يظهر وهو يشد الفتاة العشرينية من شعرها ويرفسها بحذائه العسكري، بعد أن أسلمت الروح.

اليوم... بعد ثلاثين عاما على «عملية الساحل»، ستعود الفتاة إلى لبنان، بعد أن ذهبت إلى فلسطين لتحرّر الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، فطالت غيبتها وراء الحدود، ستعود ابنة حركة فتح إلى لبنان مرة أخرى، بعد أن كبّدت جيش الاحتلال 30 قتيلا و80 جريحا. ستعود دلال هذه المرة، ولن تجد وجه أبيها يطل بين آلاف المستقبلين، وستجد أما عجوزا عاجزة عن الوقوف على رجليها بعد أن بلغت السبعين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2135 - الخميس 10 يوليو 2008م الموافق 06 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً