افاد تقرير أصدرته مجموعة «بوسطن كونسالتينغ» وكان مفاده، أن سنغافورة تأتي في المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة الأغنياء بنسبة 6,10 حيث يوجد في سنغافورة بحسب التقرير 112 ألف مليونير في حين نجد أن ما نمتلكه من رصيد مخز يجعلنا ننكس رؤوسنا إلى الأسفل بأن لدينا ما لا يقل عن 120000 فقير يحتاج إلى معونة شهرية لا تتجاوز الـ 50 دينارا وكل الشكر للمبادرة السياسية التي جاءت لتقرر 40 مليون دينار لمواجهة الغلاء فعجزت الموازنة عن مواجهة الغلاء في حين كان على المواطن الفقير بموارده المحدودة أن يواجه الفقر والغلاء وكل أعراضه وأوجاعه بلا معين.

وتتبع سنغافورة بحسب التقرير دولة قطر، الدولة المجاورة لنا بنسبة 9,7، وبعدها تأتي في المرتبة سويسرا بنسبة 3, 7، وتليها الإمارات العربية المتحدة في المرتبة، فالكويت، وفي المرتبة السادسة تأتي أميركا بنسبة 3,4 حيث يوجد في أميركا 884,4 مليون مليونير. وبحسب الدراسة يعتبر غنيا كل من يملك مليون دولار أو أكثر.

وفيما يلي تحليل لأهم نتائج التقرير أعلاه بحسب المعلومات الحديثة المعلن عنها، سأتناول في البحث والتحليل بعض المعلومات، ومقارنتها، وسأركز على سنغافورة التي احتلت المرتبة الأولى وقطر التي احتلت المرتبة الثانية كما جاء في التقرير الذي نشير إليه، ومقارنتها مع بلدنا البحرين، لنرى في النتيجة النهائية بأم أعيننا كيف أن سنغافورة التي تتشابه مع البحرين في العديد من الخصائص تفوقت علينا في العديد من الجوانب والأمور وبقينا نحن مكانك سر، بل لقد تفوقنا عليها وعلى من سواها بأعداد الفقراء والمحتاجين رغم ما لدينا من موارد ومصادر.

البحرين الدولة النفطية الصغيرة التي لا يمكن مقارنة كثافتها السكانية بالكثافة السكانية الموجودة في سنغافورة تظل خارج خارطة الأغنياء في العالم ويظل الفقر والبؤس أهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي نعاني منها، وتتقدم علينا سنغافورة كثيرا لتحتل المرتبة الأولى عالميا، وقطر الدولة المجاورة لنا التي لا تفصلنا عنها سوى بضعة كيلومترات والتي بعد سنوات من الآن سيكون هناك جسر محبة بيننا وبينهم تقدمت علينا كثيرا وصارت في المرتبة الثانية وخرجنا نحن من الحسبة ومن المولد بلا حمص نتيجة سوء توزيع الثروات والفساد وسيطرة المتنفذين على الأموال العامة.

فدولة قطر التي اليوم تحتل المرتبة الثانية من حيث أعداد الأغنياء هي عبارة عن شبة جزيرة، ويتبعها عدد من الجزر حالها كحال البحرين وسنغافورة، حصلت على استقلالها في نفس العام الذي حصلت فيه البحرين على استقلالها سنة 1971 أما مساحتها فتبلغ (11،521) كيلومترا مربعا. وكثافتها السكانية تتجاوز الـ (800) ألف نسمة يسكن نصفهم مدينة الدوحة العاصمة، رغم إننا قد تقدمنا عليها في العديد من الخطوات التنموية المهمة كالنهضة التعليمية وغيرها من الحراك السياسي المهم إلا إننا تأخرنا كثيرا عن التقدم الاقتصادي الذي تشهده قطر اليوم والتحولات والرفاهية التي يعيشها المواطن القطري وحرم منها المواطن البحريني.

أما سنغافورة التي احتلت المرتبة الأولى من حيث أعداد الأغنياء فهي تقع في موقع استراتيجي على ملتقى طرق العالم، ما ساهم في نموها لتصبح مركزا رئيسيا للتجارة. وكثافتها السكانية تبلغ 2,826,000 مليون نسمة ومساحتها 620 كيلومتر مربع، وتعد سنغافورة بحق بوابة جنوب شرق آسيا بمطارها الذي تخدمه أكثر من 69 شركة طيران عالمية.

ولعل أبرز ما يحرك اقتصاد سنغافورة التي هي على كل حال دولة غير نفطية كما هو الحال بالنسبة للبحرين التي خرجت من حسبة التقرير الذي نتحدث عنه والتي خرجت بخفي حنين، أن أكثر من خمسة ملايين سائح يتوافدون سنويا على سنغافورة، يصرفون نحو ستة مليارات دولار سنغافوري. وتشجيعا منها للسياحة قامت الحكومة السنغافورية بفرض ضريبة مقدارها 4 في المئة على المطاعم والفنادق. ولا توجد مدينه توفر للسائح ماتوفره سنغافورة لسّياحها.

السؤال: كيف لنا أن نعيش على طموح أن نكون واحدة من الدول التي تحتل المراتب الأولى في العديد من الخطوات الإيجابية المشرفة، ونحن إلى الآن لا نعرف مقدار الكثافة السكانية كأبسط مثال، ولايزال الغموض يكتنف هذا الملف، ولاتزال الأرقام تتضارب مع بعضها بعضا، والتفسيرات والتأويلات الموجودة مضحكة للغاية، لأنها تتعارض مع المنطق؟! كما أن هناك من لايزال يزايد على شعارات غير واقعية كمسألة القضاء على الفقر كأحد أهداف الألفية!

جميل جدا أن يكون لدينا حلم كبير كحلم القضاء على الفقر ولكن الأحلام وحدها لا تحقق الأهداف، والأهداف تحتاج منا إلى جهود مخلصة وإرادة صادقة ولنا في قطر وسنغافورة أمثلة صارخة... اللهم لا حسد