في خضم لعبة المسلسلات التراثية، استطاع مسلسل «التنديل» للفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا تحقيق النجاح فنيا وجماهيريا، كما استطاع بصورته التراجيدية والمسحة الخفيفة من القفشات الكوميدية، إثبات مقدرته الفذة في تجسيد كل الأدوار.
مسلسل «التنديل» فيه لمحة مهمة جدا بالنسبة إلى النجم الكبير عبدالحسين عبدالرضا، وهي أنه بدأ يعرف أن عليه أن يتعامل مع عمره بصورة أكثر نضجا، وهو ما قام به أخيرا في هذا العمل، فالأعمال السابقة له كان يتعامل معها على أنه لايزال فتى الشاشة صاحب المزاج العالي والنكتة الحاضرة، ولكن هكذا الحياة والعمر... لكل عمر مزاجه الخاص، وفي هذا العمل يقدم عبدالحسين عبدالرضا أنموذجا جيدا للفنان الذي يعرف ويدرك إمكاناته العمرية ويسير وفقها، من هنا كان هذا العمل بمنزلة نضج له عندما قام بتقديم دور الأب «الحقيقي»، وليس الأب «الكوميدي» وأبدع في أداء هذا الدور الذي يعتبر جديدا بالنسبة إليه وإلى المشاهدين على السواء، وهذا يثبت حقيقة مهمة وهي أنه ممثل متكامل بامتياز.
العمل نظيف جدا... ويحكي قصة تلامس ما نعيشه نحن اليوم وما عاشه أسلافنا، إنها قصة السوق وهذا أمر واقعي قدمه النجم الكبير عبدالحسين عبدالرضا بطريقة جميلة للغاية. تعتمد فكرة العمل أو القصة على تسليط الضوء على مجموعة من المتحذلقين الذين اعتادوا أن يلتفوا حول التاجر أو الغني أو صاحب الرئاسة والجاه، فإذا فقد كل هذا تركوه وتحولوا إلى غيره، ولذلك اعتمد الكاتب على عدد محدود من الشخصيات وعدد قليل من الشخصيات المحورية تمركزت جميعها حول الشخصية الرئيسية في العمل وهو «التنديل» ويقوم بأدائها عبدالحسين عبدالرضا.
تميز النص بالسلاسة والسهولة في الحوارات وعدم التعقيد في المشاهد والبساطة في الطرح، وعلى رغم أن العمل يعرض في عصر مختلف تماما عن العصر والبيئة التي تقع الأحداث فيهما، فإن العمل نجح في أن يكون إسقاطا على الواقع الذي نعيشه في وقتنا الحاضر وما يحدث فيه.
نقطة أخرى هي إشادة تحسب لصالح «التنديل»، فقد تخوفنا منذ انطلاق المسلسل من أن يتم التركيز على شخصية عبدالحسين عبدالرضا في العمل، لكن توزيع الأدوار كان ممتازا، بحيث أن شخصية الفنان عبدالعزيز جاسم، والفنان جاسم الحربي، وأبناء «التنديل» (محمد وشيخة وعبدالرحمن)، بالإضافة إلى شخصية الفنان جاسم النبهان... كلها أعطت عبدالحسين (التنديل) فرصة للعمل بحرية من دون أية مبالغة، كما أعطت المشاهد فرصة لكي لا يشعر بأن هناك شخصية واحدة في العمل.
الممثلون جميعا أبدعوا في أدوارهم، لكننا نخص عبدالحسين عبدالرضا الذي أجاد تجسيد «جاسم التنديل» والتغير من حال نفسانية إلى أخرى، إضافة إلى قفشاته الخفيفة، وقد غيّر جلده فعلا وأصاب.
وفي الختام لا يسعني القول سوى أن «التنديل» فعلا عمل من الأعمال التي تستحق المشاهدة، وهو عمل جاد يأتي في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلى أن نشاهد أعمالا مثله جادة ولها مضمون. كتب بطريقة جيدة، ويظل في رأيي الشخصي من بين الأعمال التراثية الرائعة التي شاهدناها هذا العام، إذا ما أضفنا إليه مسلسل «ريح الشمال»، وهو من قصة الكاتب البحريني جمال الصقر، وإخراج البحريني مصطفى رشيد، ومن بطولة نخبة من الممثلين الخليجيين.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ