في دوامة الحياة اليومية والتي لا تجعل لنا فرصة حتى لزيارات القربى من الدرجة الأولى فما بالك بالدرجات الثانية والثالثة، والتي صار من البديهي جدا أن لا ترى ابن عم لك أو ابن خال لسنوات إلا في لقاء عابر في سوق مركزي أو سوق سمك أو في حالات الوفاة لا سمح الله.
فقد اقتنصت الفرصة قبل ليلتين ماضيتين لزيارة تاريخية أعتبرها تقديسا سنويا قد قطعته أو انقطعت عنه لأسباب الانشغالات في الدوامة اليومية السالفة الذكر، لأصدقاء لي أحبهم وأعزهم وأحترمهم.
أصدقاء الجامعة... ففي حديثي وجلوسي معهم أستطيع أن أحدد كم أنا محظوظ بأن يمن الله عليّ بأناس أحبهم ويحبونني من غير أدنى مصلحة أو تسلق أو تملق، أناس عندما تجلس معهم ترى معنى الصفاء ومعنى الأصالة.
نتبادل ذكرياتنا الجامعية، نتبادل أخبار بعضنا بعضا، أفرح لما يسرهم... ويفرحون لما يسرني، نتمنى وندعو لبعضنا بعضا بكل خير، حديث لا يخلو من مرح وفكاهة من دين ودنيا ثقافة وفن، هم عبارة عن كوكتيل جميل بمختلف الشخصيات والأطباع، يختلفون ولكن اختلافهم لا يفسد لودهم قضية، ينقضي سامرهم وينفضون كراسيهم ولا يحمل أي منهم على الآخر إلا خيرا.
فهل يا ترى مازال هناك أناس بهذه الصفات الجميلة، وهل الدنيا يمكن لنا أن نطلق عليها أنها مازالت بخير مادام بها (بعض) من هؤلاء البشر.
زمن أغبر لا يتصل بك أحد إلا وهو يخطط عليك بمصلحة أو بخطة نصب، ولا يقصدك أحد (حتى وإن كان مقربا أحيانا) إلا تطبيقا لمقلب لن تنساه ما حييت! وآخر ما أن عرف عنك خير وإلا استحدث كل طاقته الحسودة والحقودة وأمنياته الـ (...) لكي تزول نعمتك ويفرح هو.
زمن عندما تجلس مع بعضهم فإنك تحاسب ألف حساب بأن لا تزل منك كلمة أو يسقط منك تصرف يُفهم عكس ما تريد، جلوسك كله مُتكلف ومليء بالبروتوكولات والمجاملات والنفاق!
تحسب في جلوسك معهم أن أكلك للتمر اليوم سيأتي يوم يُعلمونك بعدد الطعام الذي حسبوه غدا!
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ